الجيش السوداني يصد هجوماً واسعاً على الفاشر: معركة مصيرية في قلب دارفور
اشتعلت جبهات القتال مجدداً في غرب السودان، بعدما أعلنت القوات المسلحة السودانية، مساء السبت، تصديها لهجوم ضخم شنته قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور.
الهجوم الذي جاء من خمسة محاور متزامنة أعاد الأوضاع الإنسانية والعسكرية في المدينة إلى نقطة الخطر، وسط تحذيرات أممية من مجاعة تلوح في الأفق وانهيار شبه كامل للبنية الصحية.
هجوم مباغت من خمسة محاور
الجيش السوداني كشف في بيان صادر عن الفرقة السادسة مشاة أنه تمكن من إحباط هجوم منسق شنته قوات الدعم السريع فجر السبت على مدينة الفاشر، مستخدمة أعداداً كبيرة من المقاتلين والسيارات المدرعة.
وأضاف البيان أن المعركة بدأت عند الساعة الثالثة فجراً، بعد قصف مكثف طال مختلف أحياء المدينة، في محاولة لإرباك الدفاعات العسكرية والمدنية.
وأكد الجيش السوداني أنه تمكن من تدمير عشرات المركبات القتالية وتكبيد المهاجمين خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، مشيراً إلى أن قوات الدعم السريع أعادت تنظيم صفوفها وهاجمت مجدداً منتصف النهار من المحور الغربي، لكنها واجهت صدّاً عنيفاً أدى إلى تراجعها وفرار ما تبقى من عناصرها إلى خارج المدينة.
مواجهات دامية ومعارك مفتوحة
أكدت وسائل الإعلام نقلا عن مصادر ميدانية أن المعارك لا تزال مستمرة في عدة محاور من الفاشر، لاسيما الشمالي والشمالي الغربي والجنوبي، حيث استخدمت القوات المتحاربة المدفعية الثقيلة والطائرات المسيّرة.
وشهدت المدينة اشتباكات وعمليات قصف متبادل تسببت في سقوط ضحايا بين المدنيين، في وقت يعيش السكان حالة من الذعر وسط انقطاع الإمدادات الغذائية والطبية.
الفاشر.. مدينة محاصرة على شفا مجاعة
مدينة الفاشر، التي تضم أكثر من 250 ألف مدني نصفهم من الأطفال، تخضع منذ أكثر من 16 شهراً لحصار خانق تفرضه قوات الدعم السريع، ما جعلها مركزاً للأزمة الإنسانية في دارفور.
وأكدت الأمم المتحدة، الجمعة، أن الوضع الإنساني في المدينة "كارثي بكل المقاييس"، حيث انهارت المستشفيات ونفدت الإمدادات الطبية والغذائية، بينما يواجه آلاف الأطفال خطر الموت بسبب سوء التغذية الحاد.
منظمات الإغاثة الدولية حذّرت من أن أي تصعيد جديد في الفاشر قد يؤدي إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة، إذا لم يتم فتح ممرات آمنة لإدخال المساعدات العاجلة.
حرب تقترب من عامها الثالث
الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، الذي اندلع قبل نحو ثلاث سنوات، لا يزال يحصد الأرواح ويمزق البلاد.
تقديرات أممية تشير إلى مقتل عشرات الآلاف وتشريد أكثر من 14 مليون شخص داخل السودان وخارجه، أي ما يعادل ثلث السكان تقريباً.
ومع استمرار المعارك في دارفور، وتحديداً في الفاشر، يبدو أن الحرب تدخل مرحلة أكثر دموية، تهدد ليس فقط وحدة البلاد، بل بقاء ملايين المدنيين على قيد الحياة وسط حصار ومجاعة تلوحان في الأفق.
صمود الجيش ومعركة البقاء
المراقبون يرون أن معركة الفاشر تمثل نقطة تحول حاسمة في مسار الحرب، إذ تسعى قوات الدعم السريع إلى السيطرة على آخر المدن الكبرى التي لا تزال تحت سيطرة الجيش في دارفور.
في المقابل، يؤكد الجيش تمسكه بالدفاع عن المدينة مهما كلف الثمن، معتبراً أن سقوطها يعني ضربة قاسية لمعنويات القوات المسلحة وفتح الطريق أمام تمدد الميليشيات نحو ولايات الغرب الأخرى.
ومع احتدام المعارك وتصاعد التحذيرات، تبقى الفاشر اليوم رمزاً لصمود السودان في وجه حرب طاحنة تهدد وجوده كدولة، بينما يواصل المدنيون دفع الثمن الأكبر في صراع لم يجنِ منه أحد سوى الدمار والموت.



