باقي علي افتتاح المتحف الكبير
  • يوم
  • ساعة
  • دقيقة
  • ثانية
رئيس مجلس الإدارة
عمرو عامر
رئيس التحرير
نصر نعيم

صراع الحيتان.. ماذا يحدث في إمبراطورية جهينة؟

منتجات شركة جهينة
منتجات شركة جهينة

على مدى عقود، مثلت شركة "جهينة للصناعات الغذائية" أيقونة للنجاح الصناعي والعلامة التجارية التي لا تغيب عن مائدة المصريين، لكن واجهة الألبان والعصائر المغلفة، تواجه صراع الحيتان، بين العائلة المؤسسة متمثلة في رجل الأعمال صفوان ثابت، وتصاعد نفوذ شركة "بلدنا" القطرية المساهم الرئيسي.

حصة كبيرة لشركة بلدنا 

وبدأت شركة بلدنا للصناعات الغذائية القطرية، وهي أكبر منتج للألبان في قطر، في الاستحواذ على حصص تدريجية في "جهينة" بداية من عام 2021، واستمرت في زيادة هذه الحصة حتى وصل إلى نسبة تتجاوز 16%.

يرى محللون أن توقيت دخول "بلدنا" القطرية كان مثالياً، حيث استغلت الأزمة القانونية المحيطة بالملك الأصلي، بعد القبض عليه، مما أدى إلى تراجع قيمة السهم وجعل الاستحواذ أقل تكلفة. 

مواجهة على نفوذ مجلس الإدارة 

ومع تزايد حصة الشركة وتأكيدها أنها تنوي زيادة هذه الحصة تدريجياً، أصبحت الشركة القطرية حريصة على ترجمة ملكيتها إلى نفوذ حقيقي داخل مجلس إدارة "جهينة"، وهو ما يضعها في مواجهة غير مباشرة مع الحصة الأكبر التي لا تزال اسمياً تحت سيطرة عائلة ثابت.

بداية ظهور الأزمة داخل جهينة 

ومع مرور الوقت، ​تحولت "جهينة" من كونها شركة عائلية إلى ساحة معركة بين صفوان ثابت وشركة بلدنا، بعد أن تم الكشف عن تفاصيل المواجهة، التي ظهرت للعلن في أغسطس 2025، عندما حين عقدت شركة جهينة جمعيتها العامة غير العادية، بدعوة من مجلس إدارتها برئاسة صفوان ثابت، وأدرج المجلس على جدول الأعمال بندًا بتعديل المادة 22 من النظام الأساسي، بحيث يُضاف إليها شرط جديد يمنع ترشح أي شخص يمثل شركة تمارس نشاطًا مشابهًا أو منافسًا لأنشطة الشركة، أو يمتلك أسهمًا أو حصة في شركة منافسة.

صفوان ثابت 
صفوان ثابت 

التصويت على البند المثير بأغلبية 

ورغم الجدل القانوني، مضت الجمعية في التصويت على البند المثير للجدل، حيث وافق عليه 76.4%  من الأسهم الحاضرة (نحو  495.7 مليون سهم) مقابل اعتراض23.6% (حوالي 153 مليون سهم)، لتقر الأغلبية تعديل المادة (22) رسميًا.

مخالفة قانونية 

واعترصت شركة بلدنا القطرية بشكل رسمي خلال الاجتماع، معتبرة أن إدراج هذا البند يمثل مخالفة قانونية تمس حقوق المساهمين، وأوضح ممثلها أن التعديل المقترح يخالف نصوص القانونين 159 لسنة 1981 و95 لسنة 1992، فضلًا عن قواعد القيد بالبورصة المصرية، والتي تنص جميعها على حق المساهمين في التمثيل النسبي بمجلس الإدارة دون قيود أو استثناءات مسبقة.

إلغاء تعديل المادة 22 من هيئة الرقابة

الهيئة العامة للرقابة المالية تدخلت على الفور، وقررت إيقاف قرار الجمعية العامة غير العادية لجهينة، الذي أقر تعديل المادة (22) من النظام الأساسي للشركة، وهي المادة التي أضيف إليها بند جديد يمنع ترشح ممثلي الشركات المنافسة أو المماثلة في النشاط لعضوية مجلس الإدارة، وهو تعديل يستهدف منع تمثيل شركة "بلدنا" داخل مجلس الإدارة.

واستندت الهيئة، إلى أن التعديل المقترح يؤدي لإقصاء فئة من المساهمين الرئيسيين من حقهم في الترشح لمجلس الإدارة، مما يخل بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين المساهمين، ويمكن فئة واحدة من السيطرة على المجلس، بما يتعارض مع قواعد القيد والحوكمة في البورصة المصرية.

لماذا رفضت الهيئة التعديلات؟

وأضافت الهيئة، أن أحكام قانون الشركات نظمت حالات تعارض المصالح بعد تولي العضو منصبه، وليس قبل ذلك، وأن معايير النزاهة والشفافية تقتضي معالجة هذه الحالات بالإفصاح وعدم التصويت، لا بحرمان المساهمين مسبقًا من حقوقهم القانونية. كما أشارت إلى أن القانون أجاز عزل أي عضو يثبت عليه الإضرار بالشركة أو تسريب أسرارها، دون الحاجة لوضع قيود مسبقة تمنع الترشح من الأساس.

يأتي هذا التدخل بعد أن لجأت شركة بلدنا إلى الهيئة العامة للرقابة المالية بطلب رسمي لوقف تنفيذ القرار، استنادًا إلى المادة (10) من قانون سوق المال رقم 95 لسنة 1992 والمادة (76 مكرر) من قانون الشركات رقم 159 لسنة 1981، وبعد دراسة الطلب والمستندات المقدمة من الطرفين، أصدرت الهيئة قرارًا حاسمًا قضت فيه بـقبول طلب شركة بلدنا شكلًا وموضوعًا ووقف تنفيذ قرار الجمعية العامة المتعلق بتعديل المادة (22).

معتز الخياط رئيس مجلس إدارة شركة بلدنا
معتز الخياط رئيس مجلس إدارة شركة بلدنا

تفسيرات فضفاضة

ممثل الشركة القطرية كشف أن مصطلحي "نشاط مشابه" و"نشاط منافس" الواردين في التعديل الجديد يحملان تفسيرات فضفاضة، تفتح الباب أمام التأويل والتقدير الذاتي، دون وجود تعريف قانوني محدد للمنافسة في ضوء سوق معين، كما يقر قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، وأضاف أن التعديل يضع قيدًا تعسفيًا يحرم المساهمين من حقهم في الترشح، وهو ما يعد – بحسب قوله – "سابقة خطيرة في سوق المال المصري".

عمومية جهينة تمتلك حماية استثماراتها 

فيما قال المستشار القانوني لشركة جهينة، إن الجمعية العمومية تملك حق حماية استثماراتها من أي خطر محتمل، وأن ما ورد في المادة المعدلة ليس استهدافًا لأي مساهم بعينه، بل إجراء وقائي لحماية مصالح الشركة، وأن القانون يمنح الجمعيات العمومية صلاحية وضع ضوابط وشروط لعضوية مجلس الإدارة، إذا رأت أن في ذلك حفاظًا على حقوق المساهمين.

لكن ممثل "بلدنا" رد بأن القانون المصري نظم بالفعل حالات تعارض المصالح بعد تولي العضو لمهامه، وليس قبله، من خلال إلزام العضو بالإفصاح عن أي نشاط منافس ومنح الجمعية العامة حق الترخيص أو الرفض، وفقًا للمادتين 97 و98 من قانون الشركات، وأضاف أن "جهينة" بذلك تخرق القاعدة القانونية المستقرة التي تمنع حرمان أي مساهم مسبقًا من حقه في الترشح.

بلدنا تكسب جولة وهيكلة للشركة في الانتظار 

وفي النهاية يمكن القول بأن شركة بلدنا القطرية كسبت جولة قانونية مهمة، أمام رجل الأعمال صفوان ثابت، ولكن هناك مخاوف من تداعيات الخطر الإداري، وينتظر السوق تداعيات الموقف على هيكل ملكية وإدارة الشركة التي تعد من أكبر الكيانات الغذائية المدرجة في البورصة المصرية.

تم نسخ الرابط