خبير دولي لـ تفصيلة: زيارة مبعوث ترامب إلى القاهرة وتل أبيب تعيد رسم خريطة غزة ومصر تضع شروطها قبل المشاركة

تشهد المنطقة حراكًا دبلوماسيًا لافتًا مع زيارة مبعوث ترامب ستيف ويتكوف إلى القاهرة وتل أبيب، في خطوة تعكس رغبة واشنطن في إعادة ترتيب أوراقها بالشرق الأوسط وضمان نفوذها في ملف غزة وإعادة الإعمار.
في هذا السياق، أكد خبير العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي الدكتور محمد الطماوي في تصريحات خاصة لموقع تفصيلة، أن زيارة المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف إلى القاهرة وتل أبيب تأتي في توقيت شديد الحساسية، وتحمل رسائل سياسية متعددة الأبعاد.
وأوضح الطماوي أن زيارة مبعوث ترامب تعكس جدية إدارة الرئيس الأمريكي في متابعة تنفيذ اتفاق غزة، خاصة بعد الانتهاكات الجزئية والاتهامات المتبادلة بين إسرائيل وحركة حماس، مشيراً إلى أن الهدف الأساسي منها هو إعادة فتح قنوات الاتصال المباشر بين الأطراف المعنية بشكل جاد.
التحرك الأمريكي لإعادة ترتيب المشهد الإقليمي
يرى الطماوي أن زيارة مبعوث ترامب تسعى إلى إعادة ترتيب المشهد الإقليمي بما يخدم المصالح الأمريكية وحلفاء واشنطن، وإبراز الدور الأمريكي المؤثر في إدارة ملف غزة والحد من أي فراغ سياسي أو أمني يمكن أن تستغله قوى أخرى إقليمية أو دولية.
وأضاف أن إدارة ترامب، رغم إعلانها رغبتها في تثبيت وقف الحرب، إلا أن هدفها الاستراتيجي يتجاوز التهدئة المؤقتة، حيث تسعى إلى إعادة تشكيل الأوضاع في غزة بما يحقق مصالحها ويضمن استمرار نفوذها في المنطقة، مع التركيز على التحكم في مسار إعادة الإعمار وتحديد الجهات المشرفة على المساعدات.
مصر.. الوسيط المركزي وصاحبة المصداقية
أوضح خبير العلاقات الدولية أن مصر تلعب الدور المحوري كوسيط وضامن رئيسي في منطقة رفح الحدودية، وتتمتع بثقة جميع الأطراف.
وأشار إلى أن القاهرة يمكنها المساهمة بشكل مباشر في عمليات إعادة الإعمار واحتواء التوتر، لكنها تشترط صدور قرار من مجلس الأمن الدولي يحدد آلية عمل قوة الاستقرار الدولية ومهامها وصلاحياتها، لضمان أن أي تدخل خارجي يحترم السيادة الفلسطينية ولا يتحول إلى شكل جديد من أشكال الاحتلال.
وأكد الطماوي أن القاهرة لن تشارك فعلياً قبل وجود ضمانات واضحة بأن التدخل الدولي سيدعم الحلول السياسية فقط، ولن يُستخدم كأداة ضغط على الفلسطينيين.
الانقسام الفلسطيني عقبة أمام الإعمار
شدد الطماوي على أن نجاح الخطة الأمريكية لإعادة إعمار غزة مرهون بالتوافق الفلسطيني الداخلي، موضحاً أن الانقسام بين غزة والضفة الغربية يمثل العقبة الأبرز أمام أي مشروع دولي لإعادة البناء أو تحسين الخدمات الأساسية والبنية التحتية.
وأضاف أن مشاركة مصر ستكون مشروطة بوجود إطار دولي واضح يضمن وحدة الموقف الفلسطيني ومراقبة شفافة لتوزيع الموارد، حتى لا يتحول الملف الإنساني إلى ساحة جديدة للصراع السياسي.
قوة الاستقرار الدولية بين الفرص والمخاوف
يرى الطماوي أن نجاح قوة الاستقرار الدولية في غزة يتطلب ضمانات واضحة بألا تُعتبر امتداداً للوجود الإسرائيلي، مع تحديد مهامها بدقة في مراقبة الأوضاع الأمنية والإشراف على إعادة الإعمار فقط.
وأكد ضرورة إشراك المجتمع الدولي في عملية الرقابة لضمان عدم تكريس الانقسام أو عزل غزة عن باقي الأراضي الفلسطينية، محذراً من أن أي خطأ في تصميم تلك الآلية قد يفجّر أزمة جديدة.
الملف الإنساني.. نقطة الاختبار الأصعب
تحدث الطماوي عن ملف تسليم جثث الرهائن، واصفاً إياه بأنه العامل الأكثر حساسية في الاتفاق المرتقب، مشيراً إلى أن أي تأخير أو تصعيد في هذا الملف قد يؤدي إلى انهيار الثقة بين الأطراف وتأجيل خطة إعادة الإعمار.
وأوضح أن إدارة هذا الملف تتطلب تنسيقاً دقيقاً بين القاهرة وواشنطن والأمم المتحدة، لتفادي تحويله إلى أداة ضغط سياسية تهدد فرص التهدئة.
زيارة ويتكوف.. توقيت معقد ورسائل متشابكة
اختتم الطماوي تصريحاته بالتأكيد على أن توقيت الزيارة يعكس حجم التعقيد الذي تواجهه الإدارة الأمريكية في التعامل مع النزاع القائم، مشيراً إلى أن ملف غزة لم يعد مجرد قضية إنسانية أو سياسية، بل أصبح اختباراً حقيقياً لتوازن النفوذ الدولي والإقليمي في الشرق الأوسط.