سواحل البحر الأحمر.. منافسة عربية على أفضل شواطئ العالم.. استثمارات مليارية وصفقات كبرى

تشهد مصر حاليًا طفرة استثمارية غير مسبوقة على سواحلها الممتدة من الشمال إلى الشرق، مع تزايد اهتمام المستثمرين الأجانب والخليجيين، مدعومًا بصفقات استراتيجية كبرى تقودها الحكومة ضمن خططها لتعزيز الاقتصاد القومي وتنويع مصادر الدخل.
ففي الساحل الشمالي، تواصل الاستثمارات العقارية جذب الأنظار بعد صفقة رأس الحكمة التاريخية، التي مهدت الطريق لمزيد من الشراكات العربية والدولية في المنطقة.
وشهد الساحل خلال الشهور الماضية دخول مجموعة من كبرى الشركات العقارية مثل طلعت مصطفى القابضة بمشروعها الجديد ساوث ميد، إلى جانب مشروعات بالم هيلز للتعمير وسوديك وإعمار مصر، ما ساهم في تنامي حجم الاستثمارات وتنوعها بين السكني والسياحي والترفيهي.
وفي المقابل، بدأ البحر الأحمر يفرض نفسه بقوة على خريطة الاستثمار الإقليمي والعالمي، مستفيدًا من مقوماته الطبيعية الخلابة وشواطئه الممتدة وشعابه المرجانية الفريدة.
وخلال الشهر الماضي، شهدت المنطقة واحدة من أكبر الصفقات الاستثمارية في تاريخها، تمثلت في اتفاقية ثلاثية بين مصر والإمارات والسعودية عبر شركتي إعمار الإماراتية وسيتي ستارز السعودية، لتطوير مشروع مراسي ريد البحر الأحمر باستثمارات ضخمة تصل إلى 900 مليار جنيه (18.5 مليار دولار).
ويقع المشروع على مساحة 2426 فدانًا بالقرب من مطار الغردقة الدولي، ويهدف إلى تعزيز مكانة البحر الأحمر كمنطقة استثمارية وسياحية متكاملة، قادرة على استقطاب السياح والمستثمرين من مختلف أنحاء العالم، ودعم خطط مصر لزيادة عوائدها من القطاع السياحي.
وتسعى الحكومة المصرية إلى رفع الدخل السياحي إلى 18.3 مليار دولار بنهاية العام المالي 2025/2026، بنمو قدره 9.5% مقارنة بالعام الماضي، الذي بلغت فيه الإيرادات 16.7 مليار دولار.
كما ارتفع متوسط الإنفاق السياحي إلى 97 دولارًا لليلة خلال العام الماضي، مع توقعات بتجاوزه 105 دولارات بنهاية العام الجاري، فيما تستهدف الدولة زيادة عدد الليالي السياحية إلى 240 مليون ليلة بحلول 2029، مقابل 172.2 مليون ليلة في العام المالي السابق.
من جانبه، قال ياسر إبراهيم، رئيس شعبة التشييد والبناء والرئيس التنفيذي للمجموعة المتكاملة للاستثمار العقاري، في تصريحات خاصة، إن البحر الأحمر يشهد حاليًا اهتمامًا متزايدًا واستفسارات عديدة من مستثمرين عرب وأجانب عقب توقيع اتفاقية مراسي ريد.
وأكد أنه "لا يمكن المقارنة بين مشروعات الساحل الشمالي والبحر الأحمر، لاختلاف طبيعة العملاء ونوعية المشروعات المستهدفة في كل منطقة".
وأوضح أن البحر الأحمر يحتاج إلى مزيد من الدعم لمشروعات البنية التحتية وكذلك تدشين مزيد من المطارات الدولية.
وفي إطار تشجيع الاستثمارات الجديدة، طرحت الحكومة المصرية 14 قطعة أرض بمساحات متنوعة في محافظة البحر الأحمر أمام القطاع الخاص، بقيمة مستهدفة تتجاوز 150 مليار جنيه.
ويهدف الطرح إلى جذب مشروعات سياحية وخدمية وصناعية توفر نحو 5 آلاف فرصة عمل، بسعر استرشادي يبلغ 4500 جنيه للمتر المربع، وفقًا للموقع ودرجة التميز.
كما أعلن السفير القطري في القاهرة طارق بن علي الأنصاري عن دخول شركة الديار القطرية السوق المصرية بقوة من خلال مشروع سياحي عالمي جديد بالتعاون مع مجموعة سانت ريجيس، على مساحة 30 مليون متر مربع بمنطقة البحر الأحمر، تحت اسم مشروع سانت ريجيس البحر الأحمر، والذي يُتوقع أن يكون نواة لمجموعة من الاستثمارات القطرية المستقبلية في مصر.
ومع تزايد تلك الصفقات والمشروعات، يبدو أن المرحلة المقبلة ستشهد تحوّل سواحل مصر إلى وجهة استثمارية وسياحية عالمية، تجمع بين رفاهية التطوير العقاري في الساحل الشمالي وجمال الطبيعة في البحر الأحمر، في مشهد يعكس نجاح مصر في إعادة رسم خريطة الاستثمار الساحلي من جديد.