رحيل الدكتور أبانوب سعد.. مأساة تُعيد فتح ملف السلامة المهنية بالمحاجر

خيم الحزن على أهالي مركز سمالوط بمحافظة المنيا بعد وفاة الدكتور أبانوب سعد فايز داخل أحد محاجر الطوب الأبيض يوم الخميس 2 فبراير 2025، إثر حادث أليم نتج عن غياب اشتراطات السلامة المهنية داخل المحجر.
الراحل، الذي حصل على درجة الدكتوراه في التربية الرياضية، عُرف بين زملائه وأصدقائه بشاب خلوق، طموح، محب لعلمه ووطنه. كرّس سنوات عمره من أجل التفوق الأكاديمي وخدمة الرياضة المصرية، وكان يحلم بأن يكون له دور فاعل في تطوير قطاع الشباب والرياضة. إلا أن القدر لم يمهله، فرحل في لحظة كان المفترض أن تكون بداية تتويج لمسيرته العلمية والعملية.
الحادث لم يترك أثرًا إنسانيًا على أسرته وأصدقائه فقط، بل فجّر موجة من الغضب بسبب الإهمال الجسيم في تطبيق اشتراطات السلامة المهنية داخل المحاجر. شهود العيان أكدوا أن الماكينات المستخدمة تفتقر لأبسط وسائل الأمان، وهو ما تسبب في الوفاة المباشرة للشاب، في مخالفة صريحة لقانون العمل رقم 12 لسنة 2003.
في مناشدة مؤثرة، دعا شقيق الراحل وأصدقاؤه وسائل الإعلام إلى إلقاء الضوء على القصة الإنسانية خلف الحادث، وتخصيص مساحة لتكريم اسم الدكتور أبانوب، بما يليق بعلمه ومسيرته، وللتأكيد على أن ما جرى لا يجب أن يمر مرور الكرام، بل ينبغي أن يكون جرس إنذار لوقف نزيف الأرواح داخل محاجر الطوب الأبيض.
ولم تقف المأساة عند حدود الفقد، بل امتدت إلى الأسرة التي تواجه اليوم مستقبلًا غامضًا. فقد أضاف أحد أقارب الدكتور أبانوب أن زوجته تعيش أوضاعًا صعبة في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية، مناشدًا المسؤولين مساعدتها وتوفير فرصة عمل تُعينها على تربية أطفالها وحمايتهم من التشرد والانقطاع عن التعليم. فيما قالت الزوجة، وقد غلبها الحزن: "نعمل إيه؟ نروح فين؟.. جوزي مات وهو بيدور على لقمة عيش بالحلال.. نفسي أشتغل عشان أعرف أربي أولادي وأحافظ عليهم من الضياع."
رحل الدكتور أبانوب تاركًا وراءه سيرة طيبة، وحلمًا لم يكتمل، ووجعًا كبيرًا في قلوب أهله ومحبيه. ومع رحيله، تتجدد المطالبات بإنقاذ آلاف العمال في المحاجر من المصير ذاته، ووضع حياة الإنسان فوق كل اعتبار.