رئيس مجلس الإدارة
عمرو عامر
رئيس التحرير
نصر نعيم

مرصد الأزهر: تعليم المرأة فريضة شرعية وخطاب المتطرفين انحراف عن الإسلام

 أرشيفية
أرشيفية

أصدر مرصد الأزهر لمكافحة التطرف بيانًا حاسمًا يؤكد فيه أن الإسلام لم يكتفِ بفتح أبواب التعليم أمام المرأة، بل جعله فريضة شرعية وضرورة حضارية لبناء المجتمعات ورقيها. 

وجاء البيان ردًّا على ممارسات تلك الجماعات التي تعمل على تهميش النساء، وتبرير حرمانهن من التعليم بقراءات مجتزأة ومشوهة للنصوص الشرعية.

وأضاف المرصد أن رسالة الإسلام انطلقت من نداء العلم حين افتتح الوحي أولى آياته بالأمر الإلهي المباشر: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾.

وأكد المرصد أن هذه البداية لم تكن محض صدفة، بل جاءت لتضع القراءة والمعرفة على رأس أولويات الرسالة الإسلامية، وتجعل العلم حقًّا للجميع، رجالًا ونساءً، باعتباره أداة أساسية لبناء الإنسان والمجتمع.

ولم يترك الإسلام مجالًا للتمييز بين الجنسين في طلب العلم، بل جاء الحديث النبوي صريحًا: «طلب العلم فريضة على كل مسلم»، وهو نص مطلق يشمل الرجل والمرأة على السواء. وبهذا وضع الإسلام أساسًا شرعيًا واضحًا يجعل التعليم واجبًا دينيًا لا يقل شأنًا عن سائر الفرائض.

النبي ﷺ وتعليم النساء

أشار مرصد الأزهر إلى أن النبي محمد ﷺ جسّد عمليًا هذا المبدأ، فأولى النساء اهتمامًا خاصًا في مجال التعليم فإلى جانب حضورهُنّ في حلقات العلم العامة، خصص لهن مجالس تعليمية مستقلة يجيب فيها عن أسئلتهن ويقدم لهن الوعظ والإرشاد.

كما أوكل إليهن مهمة نقل الحديث الشريف ونشر السنة، وهو ما جعل منهن رواةً وعالمات كان لهن الأثر الكبير في بناء المعرفة الإسلامية. 

وتُعد السيدة عائشة رضي الله عنها أبرز مثال على ذلك، فقد كانت من كبار فقهاء الصحابة، ورجع إليها الرجال والنساء على السواء في مسائل الشريعة والفقه، حتى وصفها العلماء بأنها "أفقه نساء الأمة".

ولم تقتصر النماذج على عائشة رضي الله عنها، بل برزت نساء أخريات مثل:

أم سلمة رضي الله عنها: إحدى المرجعيات في الفقه ورواية الحديث.

الشفاء بنت عبد الله العدوية: أول معلمة في الإسلام، وكانت تعلم النساء القراءة والكتابة.

حفصة بنت عمر رضي الله عنها: حافظة القرآن وراعية المصحف الشريف بعد وفاة النبي ﷺ.

الإسلام ضد التهميش

أوضح المرصد أن الإسلام جاء لينقذ المرأة من حالة التهميش والجهل التي كانت تعيشها في الجاهلية، حيث حُرمت من أبسط حقوقها فجاء الإسلام ليقرر مبدأ المساواة في الإنسانية والتكليف، ويضع المرأة في موضع الشريك الكامل في النهضة ويستشهد المرصد بحديث النبي ﷺ: «إنما النساء شقائق الرجال»، الذي يثبت أن التكليف والحقوق متساوية في جوهرها.

خطاب المتطرفين.. قراءة مشوهة للنصوص الشرعية

في المقابل، ندد المرصد بالخطاب الذي تتبناه بعض الجماعات المتطرفة، التي تُقصي المرأة من العملية التعليمية بذريعة دينية، مستندة إلى تأويلات مغلوطة للنصوص. ويرى المرصد أن هذا الخطاب لا يعكس سوى ظروف اجتماعية وثقافية متطرفة، بعيدة كل البعد عن المنهج النبوي الصحيح.

فحرمان المرأة من التعليم  بحسب المرصد  لا يعد فقط انتهاكًا لحق شرعي أصيل، بل هو انحراف فكري خطير يعطل المجتمع بأسره ويؤكد أن هذه الجماعات تتجاهل حقيقة أن الإسلام جعل تعليم المرأة استثمارًا للأمة بأكملها، وأن صلاحها هو أساس صلاح الأجيال.

ولم يقتصر حضور المرأة في التعليم على عصر النبوة، بل امتد على مدار التاريخ الإسلامي، حيث ظهرت عالمات بارزات كان لهن دور رائد في الفقه والحديث والعلوم. ومن بين هؤلاء:

فاطمة الفهرية: التي أسست جامعة القرويين في المغرب عام 245هـ، لتصبح أول جامعة في العالم تُدرّس العلوم الدينية والدنيوية على السواء.

زينب بنت الكمال الدمشقية: من أعلام الحديث في القرن السابع الهجري، والتي أخذ عنها كبار العلماء.

سكينة بنت الحسين: حفيدة الإمام علي بن أبي طالب، عُرفت بمكانتها العلمية والأدبية.

فاطمة بنت سعد الخزاعية: من أوائل المحدثات اللواتي اشتهرن في القرن الأول الهجري.

هذه النماذج كما يؤكد المرصد تمثل برهانًا عمليًا على تكريم الإسلام للمرأة وإعطائها الحق الكامل في التعلم والتعليم، وهو ما يفند ادعاءات الجماعات التي تحاول تزييف الوعي.

شدد المرصد على أن حرمان المرأة من التعليم يعيق النهضة المجتمعية، مؤكدًا أن أي مجتمع يسعى للتطور لا يمكن أن يستغني عن نصفه الآخر فالتجارب المعاصرة أثبتت أن المجتمعات التي حُرمت فيها النساء من التعليم هي الأكثر تخلفًا، بينما ارتقت الأمم التي جعلت المرأة شريكة في العلم والعمل.

ويرى المرصد أن تمكين المرأة من التعليم يعني تمكين الأسرة والمجتمع بأسره، إذ إن الأم المتعلمة تُربي جيلًا صالحًا قادرًا على مواجهة التحديات، مشددًا على أن صلاح المرأة هو صلاح المجتمع بأكمله.

المرأة شريك لا تابع

اختتم مرصد الأزهر بيانه بالتأكيد على أن الإسلام  في نصوصه الثابتة وسننه النبوية لم يأتِ ليحصر دور المرأة أو يحد من تعليمها، بل ليجعلها شريكًا كاملًا في مشروع النهضة الإسلامية، ولذلك فإن الخطابات التي تُقصي المرأة ليست سوى تشويهات متطرفة لا تمت إلى الإسلام بصلة، بل تقف عقبة أمام تقدم الأمة وازدهارها.

تم نسخ الرابط