رئيس مجلس الإدارة
رضا سالم
رئيس التحرير
نصر نعيم

قنابل صحية متحركة.. لغز زيت القلي المستعمل من مطابخ البيوت إلى شوارع بلا رقابة

زيت طعام مستعمل
زيت طعام مستعمل

سؤال بسيط وإجابات مقلقة، في الوقت الذي تتكدس فيه عبوات زيوت الطعام على أرفف الأسواق، ويؤكد المسؤولون توافر الزيوت الصالحة للاستهلاك، يظل سؤال واحد يتردد بقوة في الشارع: أين يذهب زيت الطعام المستعمل؟ سؤال يبدو عابرًا في ظاهره، لكنه يحمل خلفه مخاوف صحية وبيئية واقتصادية، خاصة مع انتشار مشاهد جمع الزيوت المستعملة من المنازل والمطاعم عبر سيارات صغيرة و"توكتوك" تجوب الشوارع دون لافتات أو تراخيص واضحة.


رئيس شعبة الزيوت: الزيوت الصالحة متوفرة فلماذا نلجأ للفاسد؟


في هذا السياق، قال المهندس أيمن قرة، رئيس شعبة الزيوت سابقًا، إن الأسواق المصرية تشهد توافرًا واضحًا في الزيوت الصالحة للاستخدام الآدمي، متسائلًا عن أسباب توجه البعض إلى شراء زيوت غير صالحة أو مجهولة المصدر، رغم ما تمثله من خطر مباشر على صحة المستهلك.

وأوضح قرة أن المشكلة لا تتعلق بندرة المعروض أو ارتفاع الأسعار فقط، بل تمتد إلى سلوكيات استهلاكية خاطئة، ووجود قنوات غير رسمية تتعامل مع زيوت الطعام خارج إطار الرقابة.


تفتيش مكثف.. ولكن هل يكفي؟


وأشار رئيس شعبة الزيوت سابقًا إلى أن صناعة الزيوت تخضع لرقابة مشددة من عدد كبير من الجهات، موضحًا أن أكثر من 15 جهة رقابية تقوم بالتفتيش على مصانع الزيوت، سواء كانت جهات صحية أو تموينية أو رقابية، وأن أي صناعة تعتمد على مصادر مجهولة يتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضدها فورًا.

ورغم هذه التصريحات، يظل التساؤل مطروحًا حول فعالية هذه الرقابة على أرض الواقع، خاصة مع استمرار تداول الحديث عن زيوت يعاد تدويرها أو خلطها بطرق غير قانونية، ثم تعود إلى الأسواق في صورة منتجات منخفضة السعر.

هل يمكن إعادة تدوير زيت الطعام للاستخدام الآدمي؟

حسم المهندس أيمن قرة هذا الجدل بشكل قاطع، مؤكدًا أنه لا يمكن إعادة تدوير زيت الطعام المستعمل ليصبح صالحًا للاستخدام الآدمي مرة أخرى.

وشدد على أن أي محاولة لإعادة استخدام هذه الزيوت في الطعام تمثل خطرًا صحيًا جسيمًا، لما تحتويه من مركبات ضارة تنتج عن تعرض الزيت لدرجات حرارة مرتفعة وعمليات قلي متكررة.

وأوضح أن الاستخدام الآمن الوحيد لزيت الطعام المستعمل يكون في صناعات غير غذائية، مثل بعض الصناعات الكيميائية أو الصناعية، وليس في أي شكل من أشكال الطعام.

توكتوك يجمع الزيوت.. إلى أين تذهب؟

الجزء الأكثر إثارة للقلق في تصريحات رئيس شعبة الزيوت كان اعترافه الصريح بعدم معرفته بمصير كميات الزيوت المستعملة التي يتم جمعها من المنازل والمطاعم عبر وسائل غير رسمية.

وقال نصًا: «أنا معرفش التوكتوك اللي بيلم الزيوت المستعملة بيروح فين ومعنديش معلومة»، وهي عبارة فتحت بابًا واسعًا للتساؤلات حول غياب المعلومات الدقيقة عن مسار هذه الزيوت بعد جمعها.

هذا الغموض يعزز مخاوف المواطنين من احتمال تسرب جزء من هذه الزيوت إلى قنوات غير شرعية، قد تعيد تدويرها بطرق بدائية وتطرحها مجددًا في الأسواق، مستغلة ضعف وعي بعض المستهلكين وسعيهم وراء الأسعار الأقل

مخاوف صحية وبيئية تتصاعد

يحذر خبراء الصحة من أن استخدام زيوت طعام معاد تدويرها في القلي أو الطهي قد يؤدي إلى مشكلات صحية خطيرة، من بينها أمراض الجهاز الهضمي، واضطرابات الكبد، وزيادة احتمالات الإصابة بأمراض مزمنة.

كما أن التخلص العشوائي من الزيوت المستعملة يشكل خطرًا بيئيًا، إذ قد يؤدي إلى تلوث شبكات الصرف الصحي والمجاري المائية، ما يفاقم من أزمات بيئية واقتصادية.

بين الرقابة والواقع.. فجوة تحتاج إلى حسم


رغم التأكيدات الرسمية بوجود رقابة مشددة وتوافر الزيوت الصالحة في الأسواق، فإن الغموض المحيط بمصير زيت الطعام المستعمل يكشف عن فجوة واضحة بين ما هو معلن وما يجري على أرض الواقع.
فالسؤال لم يعد فقط: هل الزيوت متوفرة؟ بل أصبح: من يراقب مسار الزيت بعد خروجه من المطابخ؟ ومن يضمن عدم عودته إلى موائد الطعام في صورة مجهولة المصدر؟

 

تم نسخ الرابط