رئيس مجلس الإدارة
عمرو عامر
رئيس التحرير
نصر نعيم

مفتي الجمهورية: الخوارزميات سلاح قاتل في غزة والصمت جريمة

تعبيرية
تعبيرية

أكد فضيلة الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، أن مصر ما زالت تؤدي واجبها التاريخي تجاه القضية الفلسطينية بوعي وشرف، على الرغم من الهجمة الشرسة التي تحاول النيل من دورها ومواقفها الثابتة.

وخلال كلمته في افتتاح المؤتمر العالمي العاشر للأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء، المنعقد هذا العام تحت عنوان "صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي"، شدد فضيلة المفتي على أن القيادة المصرية رفضت بوضوح محاولات تهجير الفلسطينيين أو تصفية قضيتهم، وتمسكت بحقوقهم الثابتة في مواجهة الابتزاز السياسي، في موقف وصفه بأنه "سيُخلده التاريخ بمِداد الشرف والكرامة".

الرعاية الرئاسية دعم لمسيرة الإفتاء الرشيد

رحب فضيلة المفتي بضيوف المؤتمر من مختلف دول العالم، معربًا عن اعتزازه بالرعاية الكريمة التي يُوليها الرئيس عبد الفتاح السيسي لهذا الحدث العلمي المتميز، مشيرًا إلى أن هذه الرعاية تمثل دعمًا مستمرًا لمسيرة الإفتاء الرشيد، وتهيئة بيئة علمية متطورة لإعداد جيل جديد من المفتين القادرين على مواكبة التحولات الرقمية وتقنيات الذكاء الاصطناعي.

الذكاء الاصطناعي.. أداة بناء أو خطر هدام

أوضح الدكتور عياد أن العالم يشهد تحولات غير مسبوقة بفعل ثورة الذكاء الاصطناعي، التي أثرت بعمق على الطب والتعليم والإدارة، وفتحت آفاقًا واسعة للبحث العلمي وتطوير المؤسسات. لكنه شدد على أن هذه التقنيات تحتاج إلى توظيف مسؤول يخدم الإنسانية، خاصة في مجال الفتوى، التي تتطلب توازنًا بين المرجعية الشرعية وأدوات العصر الرقمي.

وحذر من خطر برمجة الفتوى دون ضوابط، ما قد يحول الدين من خطاب هداية إلى خطاب مادي جامد ينفصل عن روحه ومقاصده وطرح تساؤلات فقهية عميقة حول قدرة الآلة على فهم تعارض النصوص، ومراعاة النيات الإنسانية والسياقات الاجتماعية والاقتصادية، مؤكدًا أن المفتي يجب أن يظل صاحب الرؤية المسؤولة، المبنية على خشية الله وبصيرة القلب وحكمة المقصد.

ضوابط شرعية وأخلاقية للفتوى الرقمية

شدد مفتي الجمهورية على أن تطوير الفتوى في العصر الرقمي لا يعني الاكتفاء بدقة المعلومات، بل يجب أن تتسم بضمير حي ووعي أخلاقي، داعيًا إلى وضع أطر رقابية صارمة لإدارة نظم الذكاء الاصطناعي في الفتوى، عبر إشراف علمي يجمع بين علماء الشريعة وخبراء التقنية وفلاسفة المقاصد، لضمان شرعية المخرجات.

وأكد أن الذكاء الاصطناعي قد يكون مفيدًا في المراحل التحضيرية للعملية الإفتائية، كتصوير المسائل وتحليل أبعادها وجمع النصوص، لكنه لا يملك صلاحية إصدار الحكم الشرعي، محذرًا من مخاطر ما يُعرف بـ"هلوسة الذكاء الاصطناعي"، التي قد تنتج فتاوى مختلقة بصياغة مقنعة.

غزة.. اختبار لصدق الفتوى ونبض الفقه

في جانب مؤثر من كلمته، تناول فضيلة المفتي ما تتعرض له غزة من عدوان ممنهج، واصفًا إياها بأنها ليست مجرد بلد منكوب، بل اختبار حقيقي لصدق كلمة الفتوى.

وكشف عن استخدام الاحتلال الإسرائيلي للذكاء الاصطناعي في استهداف المدنيين، عبر تحليل الصور والتنبؤ بالتحركات وضرب الأحياء بدقة قاتلة، مما أسفر عن سقوط آلاف الضحايا وتدمير البنية التحتية وقال: "هذا يبرز خطورة التقنية إذا انفصلت عن القيم، ويؤكد ضرورة وضع ميثاق عالمي يضبط استخداماتها على أساس العدل والرحمة"، مضيفًا أن التقدم بلا ضمير يتحول إلى أداة قمع وعدوان.

نداء إنساني وتحية صمود لأهل غزة

وجه فضيلة المفتي نداءً إلى أصحاب الضمائر الحية في الشرق والغرب، قائلاً: "ارحموا عجز أهل غزة، فإن لهم عند الله موقفًا يُقتص فيه من الطغاة"، كما قدم تحية إجلال لأهل غزة الصامدين القابضين على جمر الكرامة، مبشرًا إياهم بأن النصر قادم مهما طال الانتظار.

اختتم مفتي الجمهورية كلمته بتوجيه الشكر إلى العلماء والوزراء والمفتين المشاركين، وإلى الجهات الرسمية والتنفيذية والإعلامية التي ساهمت في إنجاح المؤتمر، مؤكدًا أن هذا التعاون يعكس وحدة الموقف في الدفاع عن القيم الإنسانية والشرعية، ومواجهة التحديات الفكرية والتقنية بعزم وإخلاص.

تم نسخ الرابط