«منتصف الطريق».. سر اختيار «ألاسكا» لاستضافة قمة ترامب وبوتين

مع الإعلان عن عقد قمة بين رئيسي الولايات المتحدة وروسيا ثارت التساؤلات حول سبب اختيار ألاسكا لاستضافة قمة الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين.
ووفق تقرير لصحيفة "التايمز" البريطانية فإنه على الرغم من أن الولاية التي كادت روسيا وأمريكا تصطدما فيها أن تستضيف قمةً بين القوى العظمى، فإنه لدى كلا الزعيمين أسبابٌ للاحتفاء باختيار المكان.
وعندما أعلن الرئيس ترامب عن اختيار ألاسكا مكانًا لقمة الجمعة المقبلة مع الرئيس بوتين، لم يكن أحدٌ أكثر سعادةً من الحاكم الجمهوري لولاية القطب الشمالي الشاسعة؛ إذ نشر مايك دنليفي، الذي تولى منصبه عام 2018، على موقع إكس: "ألاسكا هي الموقع الأكثر إستراتيجيةً في العالم، إذ تقع على مفترق الطرق بين أمريكا الشمالية وآسيا، حيث القطب الشمالي شمالًا والمحيط الهادئ جنوبًا".
وأضاف: "على بُعد ميلين فقط من روسيا وألاسكا، لا يوجد مكانٌ آخر يلعب دورًا أكثر حيويةً في دفاعنا الوطني، وأمن الطاقة، وقيادتنا في القطب الشمالي"

وأوضحت الصحيفة أنه على النقيض من مختلف الأماكن الأخرى التي تم اقتراحها لعقد القمة، فإن عقد اجتماع على الأراضي الأمريكية يحمل ميزة مهمة أخرى بالنسبة لبوتين؛ فهو لا يواجه خطر التعرض للاعتقال بموجب مذكرة صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية؛ لأن أمريكا لا تعترف باختصاص المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقرًّا لها.
وفي حين كانت ألاسكا في يوم من الأيام أرضًا روسية، أو على الأقل موقعًا حرجًا للإمبراطورية الروسية، ومع احتمال أن يهيمن على هذه القمة حديث عن "تبادل الأراضي" بين موسكو وكييف، سيكون لدى بوتين ما يدعوه للتفكير في حكمة قرار سلفه البعيد القيصر ألكسندر الثاني ببيعها لأمريكا عام 1867 مقابل 7.2 مليون دولار؛ أي ما يعادل سِنتين للفدان.
وتابعت الصحيفة أنه منذ العصور القديمة، اكتسب اختيار موقع الاجتماعات بين الأباطرة والملوك وأمراء الحرب المتنافسين أهمية رمزية هائلة؛ ولا سيما تلك التي تجمع الرؤساء الأمريكيين بنظرائهم السوفيت، ومؤخرًا الروس.
جرى العديد من اللقاءات بين القوى العظمى في واشنطن أو موسكو، أو في مراكز محايدة أكثر وضوحًا للدبلوماسية الدولية مثل فيينا، حيث التقى جون كينيدي نيكيتا خروشوف في يونيو/ حزيران 1961 في قصر شونبرون لتنقية الأجواء بعد غزو خليج الخنازير الفاشل الذي رعته الولايات المتحدة، أو جنيف، حيث التقى رونالد ريغان بميخائيل غورباتشوف المعين حديثًا في نوفمبر 1985 أثناء نزهة على ضفاف البحيرة.
وكان هناك أيضًا بعض الأماكن الأقل توقعًا، مثل: ريكيافيك، حيث التقى الرجلان في أكتوبر التالي، ممهدين الطريق لتوقيعهما معاهدة للأسلحة النووية عام 1987، ومالطا، حيث استضاف غورباتشوف جورج بوش الأب، خليفة ريغان، عام 1989، بعد أسابيع قليلة من سقوط جدار برلين، على متن سفينة ماكسيم غوركي، وهي سفينة سياحية سوفيتية.
وبينما كان الطقس عاصفًا، لكن الجو كان دافئًا مع إعلان كلا الجانبين انتهاء الحرب الباردة.

وأضافت الصحيفة أن المكان الأكثر غرابة كان قلعة بردو في سلوفينيا، حيث التقى نجل بوش، جورج دبليو بوش، ببوتين في يونيو 2001، وفاجأ مساعديه بتصريحه في مؤتمر صحفي أنه نظر إلى الزعيم الروسي في عينيه ووجده "صريحًا جدًّا وجديرًا بالثقة. لقد تمكنت من فهم روحه".
وفي يوليو 2018، حظيت هلسنكي بشرف الاستضافة، حيث عقد ترامب وبوتين قمتهما الوحيدة حتى الآن؛ حيث أثار الزعيم الأمريكي الدهشة بظهوره متقبلاً رفض بوتين لمزاعم الاستخبارات الأمريكية بالتدخل الروسي في الانتخابات التي منحته ولايته الأولى. وجلس الرجلان معًا مرة أخرى في عام 2019 في اجتماع مجموعة العشرين في اليابان، وتحدثا هاتفيًّا بضع مرات منذ ذلك الحين.
ونظرًا لموقعها في منتصف الطريق تقريبًا بين واشنطن وموسكو، فمن المدهش أن ألاسكا لم تستضيف قمة للقوى العظمى من قبل.
ويُعد أقرب ما وصلت إليه كان عندما التقى ريغان بالبابا يوحنا بولس الثاني في مطار فيربانكس خلال "توقف للتزود بالوقود" في جولة بالمحيط الهادئ عام 1984، وهو العام الذي أقامت فيه أمريكا والفاتيكان علاقات دبلوماسية كاملة.
وأشارت الصحيفة إلى أن ما يهم ترامب هو أن بوتين سيزور أمريكا بدلًا من أن يسافر هو إلى هناك، رغم أن الرحلة تستغرق نحو سبع ساعات من واشنطن على متن طائرة الرئاسة الأمريكية لمسافة 3370 ميلًا.
وبعد تأكيد القمة بوقت قصير، وصف الكرملين اختيار ألاسكا بأنه "منطقي تمامًا" نظرًا لموقعها، وقال إن ترامب دُعي للقاءٍ آخر في روسيا.
وكما لم يُحدد ما إذا كان هذا اللقاء سيُعقد في موسكو أم في مكانٍ آخر، مثل مدينة فلاديفوستوك في أقصى شرق البلاد، حيث عقد بوتين قممًا مع الزعيمين الصيني والكوري الشمالي.
وخلُصت الصحيفة إلى أنه في ألاسكا، سيتم استبعاد الغرباء؛ إذ لن يكون هناك سوى دونالد ترامب وفلاديمير بوتين؛ ومن دون زيلينسكي، أو أوروبا.