من الكباب إلى التشريع.. ترشح أحمد الباز لمجلس الشيوخ يثير جدل النخب السياسية

في لحظة وصفها البعض بـ"العبثية سياسيًا"، قفز اسم رجل الأعمال أحمد الباز إلى قائمة المرشحين النهائيين لانتخابات مجلس الشيوخ 2025، في خطوة أثارت صدمة في أوساط نخب العمل السياسي التقليدي، الذين يرون أن المجلس، بنص الدستور والممارسة، يُفترض أن يكون حاضنة للكفاءات القانونية والدستورية، لا مطية لأصحاب الأعمال التجارية.
لم يمارس السياسة يومًا.. فكيف سيشرّع؟
الغضب في كواليس المشهد السياسي له ما يبرره، وفق تعبير أحد أعضاء مجلس الشيوخ المنتهية ولايته، والذي رفض ذكر اسمه، قائلًا في تصريح خاص: "نحن لسنا في سباق علاقات عامة، مجلس الشيوخ ليس حفلة. هذا مكان لصياغة القوانين وتقديم الرؤى المستقبلية، ومَن لا يملك خلفية سياسية أو دستورية، لا مكان له فيه مهما كان نفوذه المالي".
النجاح التجاري بدلًا من الكفاءة السياسية
المفارقة أن أحمد الباز لم يُعرف عنه أي اهتمام بالشأن العام، أو ارتباط بأي تجربة تشريعية أو حتى محلية، ورغم ذلك وجد نفسه فجأة مرشحًا لتمثيل الشعب في أحد أهم المجالس النيابية، تحت شعار عام وباهت: "النجاح التجاري دليل كفاءة".
هل اختُزل التمثيل السياسي في السجل التجاري؟
يرى كثير من السياسيين أن صعود الباز وغيره من رجال الأعمال إلى قوائم مجلس الشيوخ يمثل مؤشر أحمر، حيث علّق أحدهم لموقع تفصيلة قائلًا: "المسألة لا تتعلق بشخص بعينه، بل بفكرة أن الترشح بات مكافأة لمن يملك النفوذ المالي، وليس لمن يملك الوعي السياسي أو الخبرة التشريعية".
وأضاف: "من غير المنطقي أن يجلس رجل لم يشارك يومًا في نقاش سياسي ليصوّت على تعديل دستوري، أو يصوغ اقتراح قانون".
مجلس الشيوخ ليس نادي علاقات عامة
بحسب الدستور، يختص مجلس الشيوخ بـ"دراسة واقتراح ما يراه كفيلاً بتوسيع دعائم الديمقراطية"، و"مناقشة الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية"، و"إبداء الرأي في مشروعات القوانين المكملة للدستور".
هذه المهام لا يمكن أن تُناط برجل أعمال يربط قراراته دومًا بـ"المكسب والخسارة"، لا بـ"المصلحة العامة".
ويعلّق أستاذ القانون الدستوري الدكتور (م. ن): "من يخلط بين التسويق العقاري والتشريع لا يعرف الفرق بين عقد بيع وقانون دولة؛ مجلس الشيوخ ليس موقعًا لتجربة الطموحات الفردية، بل مكان لصيانة المنظومة السياسية والاقتصادية".
تساؤلات مشروعة.. وصمت رسمي
ورغم أن ترشح الباز قانوني من حيث الشكل، إلا أن الصمت من جانب المؤسسات السياسية المعنية أثار تساؤلات لا تقل خطورة: من يقف خلف الدفع برجل لم تُعرف له أي خبرة سياسية؟، ولماذا يتم تهميش رموز حزبية مخضرمة لصالح من لا يعرف من البرلمان سوى أنه "فرصة للاستثمار الاجتماعي"؟.