رئيس مجلس الإدارة
عمرو عامر
رئيس التحرير
نصر نعيم

من «عصمة» أردوغان إلى «قوائم» الترحيل .. إخوان تركيا في مهب الريح

جماعة الإخوان الإرهابية
جماعة الإخوان الإرهابية

تعيش جماعة الإخوان الإرهابية في تركيا واحدة من أكثر لحظاتها ارتباكا وتشتتا منذ عقد كامل، بعدما شرعت السلطات التركية فعليا في اتخاذ خطوات عملية لطرد عدد من القيادات والعناصر التابعة للتنظيم، تمهيدًا لترحيلهم إلى دولهم، وفي مقدمتها مصر.

المشهد الذي بدأ بقرار مفاجئ تناولته وسائل الإعلام  بتوقيف الإخواني الهارب محمد عبدالحفيظ في مطار إسطنبول، لا يبدو حادثا فرديا أو طارئا، بل هو وفق حديث العديد من الخبراء السياسين مؤشر عملي على تحول تركي جذري في طريقة إدارة ملف الإخوان، بعد سنوات من الاحتضان والتوظيف السياسي.


مصادر سياسية مصرية رفيعة كشفت لقناة "العربية" أن هناك اتصالات جارية بين القاهرة وأنقرة لتسليم عدد من عناصر الإخوان الهاربين، موضحة أن توقيف عبد الحفيظ قد يكون مقدمة لسلسلة من الإجراءات تتضمن إبعاد أو تسليم شخصيات أخرى، بعضها متورط في قضايا إرهاب جسيمة داخل مصر، وأخرى تمثل رأس الحربة في الدعاية الإعلامية الإخوانية التي كانت تبث من الأراضي التركية.

الوكر الأخير


ويُعد محمد عبد الحفيظ من أخطر القيادات المطلوبة أمنيًا في مصر؛ حيث تورط في قضية اغتيال النائب العام هشام بركات عام 2015، وصدر بحقه حكم بالإعدام غيابيًا، إضافة إلى تورطه في محاولة اغتيال النائب العام المساعد المستشار زكريا عبد العزيز عثمان، وقضايا أخرى تتعلق بتشكيل خلايا إرهابية والتخطيط لعمليات مسلحة ضد الجيش والشرطة والدولة المصرية.


وتشير المعلومات إلى أن عبد الحفيظ عاد مؤخرًا إلى إسطنبول من إحدى الرحلات، حيث تم توقيفه فور وصوله، وأُبلغ بعدم السماح له بالدخول، وسط تهديدات صريحة بترحيله، بحسب ما أعلنت زوجته عبر منشور على "فيسبوك"، وتشير مصادر تركية إلى أن ترحيله بات وشيكًا، في ظل التفاهمات الأمنية الجارية بين أنقرة والقاهرة.

ويؤكد العديد من الخبراء أن هذه الخطوة تمثل نقلة نوعية في العلاقة بين البلدين، خاصة على المسار الأمني. واصفيين ما جرى بأنه رسالة سياسية وأمنية مزدوجة مفادها أن تركيا لم تعد تحتمل كلفة استمرار وجود عناصر مطلوبة دوليا على أراضيها، في ظل رغبتها في تحسين علاقاتها مع دول الإقليم، وعلى رأسها مصر.

وأضاف علوش أن أنقرة تسعى إلى تصفير مشاكلها مع الدول الكبرى في المنطقة، وتحديدًا القاهرة، وأن ملف الإخوان يمثل أحد أكبر العقبات في طريق عودة العلاقات إلى مسارها الطبيعي، مشيرا إلى أن التعاون الأمني والاستخباراتي بين البلدين بلغ مستوى متقدما مؤخرا، وهو ما انعكس في قرارات التضييق على قنوات الجماعة، ومنع البث، وتقليص المساحات الإعلامية، وملاحقة بعض الأفراد قانونيًا.

وفي السياق ذاته، أكد يوسف كاتب أوغلو، المحلل السياسي التركي، في صريحات إعلامية،  أن تركيا لا تمنح حصانة لأي عنصر إخواني أو غيره، وأن من يثبت تورطه في أنشطة تمس أمن دولة صديقة، أو تتعارض مع القانون التركي، يتم التعامل معه وفقًا للقانون، مؤكدا أن  أن أنقرة تُدرك تمامًا أن استمرار استضافة جماعات تُصنف كـ"إرهابية" في دول أخرى، يضر بمصالحها الإستراتيجية.

وتابع:« ومن بين الشخصيات التي يجري الحديث عن قرب ترحيلها أو إبعادها، يحيى موسى، وعلاء السماحي، ومحمد منتصر، وعلي محمود عبد الونيس»، وهي أسماء ارتبطت بتأسيس وإدارة حركة "حسم" الذراع المسلحة لجماعة الإخوان، المتورطة في تنفيذ وتخطيط عدد من الهجمات التي استهدفت شخصيات عامة ومنشآت شرطية في مصر، فضلًا عن تورطهم في إدارة حملات تحريضية إعلامية من خارج البلاد.


المؤشرات الحالية تشير إلى أن أنقرة قررت أخيرا أن تغلق الوكر الأخير للإخوان، بعدما أصبح عبئا على علاقاتها الإقليمية والدولية، في ظل مراجعة داخلية واسعة تشهدها السياسة الخارجية التركية، خاصة في ما يتعلق بعلاقاتها مع مصر والخليج، والمرجح بحسب مصادر مطلعة، أن المرحلة المقبلة ستشهد إبعادا تدريجيا للعناصر "الأكثر تطرفًا"، إما بتسليمهم للدول التي تطالبهم، أو بإجبارهم على المغادرة إلى دول أخرى، وهي مهمة تبدو بالغة الصعوبة نظرا لأن كثيرًا من هذه الدول باتت ترفض استقبال الإخوان، خوفًا من تداعيات أمنية محتملة.

تم نسخ الرابط