رئيس مجلس الإدارة
عمرو عامر
رئيس التحرير
نصر نعيم

مصر بين تحديات الطاقة التقليدية وطموحات التحول الأخضر

التحول الأخضر
التحول الأخضر

تسعى مصر إلى تجاوز تحديات قطاع الطاقة التقليدي بإصرار واضح على تجنب أزمات الإمداد الكهربائي، بما يضمن استدامة عمل القطاعات الصناعية الحيوية ويُعزز فرص الاستقرار الاقتصادي.

وفي مواجهة تلك التحديات، تتبنى الدولة استراتيجية للتحول نحو الطاقة الخضراء، تستند إلى جذب الاستثمارات الخاصة وتعزيز الشراكات الدولية، في إطار رؤية طموحة لمستقبل أكثر استدامة.

دعم أوروبي وهدف استثماري بـ10 مليارات دولار

ضمن هذا المسار، انضمت القاهرة مؤخرًا إلى مبادرات أوروبية لربط تمويل الطاقة بإدارة ملف الحدود، حيث تعهّد الاتحاد الأوروبي بتقديم أكثر من 300 مليون يورو لدعم تحول مصر إلى مصادر الطاقة المتجددة، كالطاقة الشمسية والرياح والمياه.

وتشير المحللة الاقتصادية هالي شولر-ماكوين، في تقرير نشره معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط (واشنطن)، إلى أن الحكومة المصرية تسعى لحشد استثمارات خاصة تفوق 10 مليارات دولار لدفع مشاريع الطاقة الخضراء.

فجوة تمويلية وقيود هيكلية

رغم هذا الطموح، فإن حجم الاستثمارات المحققة حتى الآن لا يتجاوز 4 مليارات دولار فقط، أي أقل من نصف المستهدف. 

ويعكس هذا الفارق التحديات الهيكلية التي تواجه البنية التحتية للطاقة في مصر، من نقص الخبرات المحلية، إلى ضعف التكنولوجيا المتوفرة، وصعوبة تحديث شبكة الكهرباء الوطنية.

حوافز مالية مغرية لجذب القطاع الخاص

لمعالجة هذا النقص، أطلقت الحكومة حزمة حوافز تشمل خصومات ضريبية تصل إلى 50%، وتعويضات نقدية للمشروعات التي تبدأ التشغيل خلال 6 سنوات، وأسعار تغذية تنافسية، بالإضافة إلى تخصيص أراضٍ مجانية للمشروعات الخضراء.

لكن هذه الحوافز، رغم جاذبيتها، تثير تساؤلات حول قدرة الموازنة العامة على تحمل أعبائها، في ظل ضغوط اقتصادية ومالية متزايدة، وتراجع احتياطات النقد الأجنبي.

منصة NWFE: ركيزة التحول الأخضر

تشكل منصة الترابط بين المياه والغذاء والطاقة (NWFE)، التي أُطلقت في قمة المناخ بشرم الشيخ عام 2022، الإطار الرئيسي لجذب التمويلات الدولية. 

وقد حظيت المنصة بدعم من ألمانيا والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار، وتتمحور حول:

  • التخلي عن توليد الطاقة من الوقود الأحفوري
  • تطوير شبكة الكهرباء الوطنية
  • جذب استثمارات خاصة لا تقل عن 10 مليارات دولار

غير أن التوسع الموازي في مشروعات استخراج الغاز الطبيعي يثير شكوكا بشأن جدية الدولة في تحقيق تحول بيئي حقيقي.

شبكة كهرباء تحتاج إلى تحديث عاجل

تواجه مصر تحديات كبيرة في تكييف شبكتها الكهربائية مع خصائص الطاقة المتجددة، إذ تعاني الشبكة الحالية من ضعف القدرة على تخزين الطاقة أو استيعاب التدفقات المتذبذبة، ما يؤدي إلى إهدار جزء كبير من الطاقة المنتجة، خاصة الشمسية.

ويُقدّر حجم الاستثمارات المطلوبة لتحديث الشبكة بأكثر من 1.3 مليار دولار، في وقت لا تزال الخبرات المحلية والتكنولوجيا اللازمة محدودة.

الأولوية للسوق المحلي قبل التصدير

توصي شولر-ماكوين بإعادة ترتيب أولويات استخدام الطاقة المتجددة داخليًا قبل تصديرها إلى الأسواق الأوروبية. 

وتشدد على أهمية إشراك المجتمعات المحلية، وتمكين الشركات المصرية الصغيرة والمتوسطة من دخول السوق، وتعزيز الشفافية في التخطيط.

كما تؤكد أن التحديات المناخية الأخرى، مثل ارتفاع درجات الحرارة ونقص المياه، يجب أن تكون جزءًا من خطة التمويل الأخضر، لتجنب تحويل هذه المشروعات إلى مجرد واجهات رمزية.

الحوافز المالية

رغم أن الحوافز الحكومية للمستثمرين قد تؤدي إلى تسريع تنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة، إلا أن استمرار دعم هذه السياسات دون تطوير الشبكة الكهربائية قد يؤدي إلى تصدير الطاقة خارج البلاد، مع تحميل المواطنين المحليين فاتورة باهظة، خاصة في المناطق الريفية والأشد فقرًا.

لذا، فإن وضع ضوابط واضحة لضمان استفادة السوق المحلي من الطاقة الخضراء يمثل تحديًا ملحًّا، ويجب أن يكون على رأس أولويات السياسات الحكومية.

التحول العادل

تختم ماكوين بالقول إن مصر تملك الفرصة لأن تكون رائدة في التحول الأخضر إقليميًا، شريطة اعتماد سياسة متوازنة، تضمن تحسين البنية التحتية، وتوسيع الشراكات المحلية، وتوجيه الاستثمارات نحو تحسين جودة حياة المواطنين، وليس فقط تحقيق أهداف تصديرية أو سياسية.

تم نسخ الرابط