بريطانيا تتحرك دبلوماسيًا لوقف حرب السودان وأوروبا تطلق جسرًا جويًا إلى دارفور
تصعيد إنساني غير مسبوق يفرض نفسه على المشهد السوداني، وتحركات دولية متسارعة تحاول كبح جماح حرب أنهكت البلاد ودفعت ملايين المدنيين نحو النزوح والجوع.
مواقف بريطانية واضحة داخل البرلمان، وجهود أوروبية ميدانية عبر جسر جوي إنساني، تعكس حجم القلق الدولي من كارثة توصف بأنها الأسوأ في القرن الحادي والعشرين.
تحركات بريطانية مكثفة لإنهاء الحرب
تأكيد رسمي بريطاني صدر اليوم الاثنين على لسان كريس إلمور، وكيل وزارة الخارجية البريطانية، بشأن استخدام لندن جميع أدواتها الدبلوماسية من أجل إنهاء الحرب الدائرة في السودان.
حديث إلمور جاء خلال جلسة طارئة لمجلس العموم البريطاني خُصصت لمناقشة تطورات الأوضاع السودانية، في ظل تصاعد القتال وتفاقم الكارثة الإنسانية.
نفي قاطع رافق الموقف البريطاني حول استخدام أي أسلحة بريطانية داخل النزاع، حيث شدد المسؤول على عدم وجود أدلة تشير إلى تورط معدات عسكرية بريطانية في الحرب، مؤكدًا التزام بلاده بضوابط تصدير السلاح والقانون الدولي.
أسوأ أزمة إنسانية في القرن الحادي والعشرين
وصف قاتم للأوضاع الإنسانية في السودان هيمن على كلمة المسؤول البريطاني، حيث جرى التأكيد على أن البلاد تمر بأسوأ أزمة إنسانية في القرن الحادي والعشرين.
أرقام صادمة طُرحت داخل الجلسة، أبرزها احتياج نحو 30 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية عاجلة، في ظل انهيار الخدمات الأساسية واتساع رقعة الجوع والمرض.
رفع الدعم الإنساني البريطاني مثّل خطوة عملية في هذا السياق، إذ أعلنت لندن زيادة مساهمتها إلى 146 مليون جنيه إسترليني، مع تأكيد العمل الدبلوماسي المستمر لدفع الأطراف المتحاربة نحو هدنة إنسانية تمتد لثلاثة أشهر، تسمح بإيصال المساعدات وإنقاذ المدنيين.
الجسر الجوي الأوروبي إلى دارفور
تحرك أوروبي موازٍ انطلق على الأرض عبر تدشين جسر جوي إنساني إلى إقليم دارفور، في محاولة لاحتواء التدهور المتسارع هناك.
انطلاق أولى الرحلات الجوية جرى يوم الجمعة 12 ديسمبر، حيث سُلّم نحو 100 طن من المساعدات الإنسانية، مصدرها مستودعات الاتحاد الأوروبي وشركاؤه من المنظمات الإنسانية.
استمرار الرحلات الجوية خُطط له خلال شهري ديسمبر 2025 ويناير 2026، ضمن عملية تبلغ قيمتها الإجمالية 3.5 مليون يورو، في مؤشر على التزام أوروبي بدعم المناطق الأكثر تضررًا من النزاع.
نزوح جماعي ومجاعة تهدد الملايين
حرب السودان المستمرة منذ أبريل 2023 بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي” خلّفت نتائج كارثية.
مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 13 مليون شخص شكّلا ملامح واحدة من أعقد الأزمات الإنسانية في العالم.
إعلان المجاعة في مناطق عدة، بينها كادقلي، عزز المخاوف الدولية من انهيار كامل للأوضاع، بينما أكد الاتحاد الأوروبي أن الوضع في دارفور يشهد تدهورًا حادًا عقب سقوط مدينة الفاشر بيد قوات الدعم السريع.
السودان بين ضغوط السياسة وصرخات الإنسانية
مشهد إنساني قاسٍ ترسمه خيام النازحين في مدينة الأبيض ومناطق أخرى، حيث تتقاطع القصص المأساوية مع عجز المجتمع الدولي عن فرض حل سريع.
تحركات لندن وبروكسل تعكس إدراكًا متأخرًا لحجم المأساة، لكنها تظل رهينة تطورات ميدانية معقدة وصراع مفتوح بلا أفق واضح.



