«المرأة المحصنة».. نفوذ يتبخر وساعة حساب تقترب

في دهاليز المال والأعمال، لا يُكتب النفوذ في وثائق رسمية، بل يُبنى على علاقات، يُنسج في الكواليس، ويتغذى على الصمت، وكانت هي - تلك التي لُقبت يومًا بـ«المرأة المحصنة» - مثالًا حيًا على هذا النفوذ غير المُعلن.
لسنوات، لم تكن مجرد مسؤولة تنفيذية رفيعة، بل مركزًا لقوةٍ لا تُسأل، ونفوذ يُحيط به الغموض أكثر مما تحيطه المناصب، تفتح لها الأبواب المغلقة دون استئذان، وتُحلّ لها العقبات قبل أن تظهر، ويتزاحم من حولها الباحثون عن رضاها، لكن الزمن لا يحفظ الأسرار طويلًا، ولا يدوم الغطاء إلى الأبد.
الدوائر التي كانت تحيط بها بإحكام بدأت تنسحب في صمت، الهمس في الأروقة تحوّل إلى كلام صريح، والرهبة التي كانت تحيط باسمها تلاشت من الأحاديث الجانبية، الأسئلة التي لم يكن لأحد أن يطرحها قبل أشهر، تُطرح الآن على الطاولات: من يحمي من؟ ومن سيتحمل تكلفة الاستمرار في التغطية؟.
المؤسسة التي كانت تديرها، والتي لطالما اعتُبرت من أدوات التمويل المؤثرة في المشهد الاقتصادي، بدأت تعاني من اضطرابات لم تكن مألوفة، والقرارات التي كانت تمر بسلاسة، بدأت تُقابل بمراجعة، والملفات التي كانت تُغلق بصمت، فُتحت فجأة، وكأن الجميع قرر أن الوقت قد حان.
التغير اللافت لم يكن إداريًا فقط، بل نفسيًا أيضًا، فحتى أولئك الذين اعتادوا الوقوف بجانبها في المناسبات الرسمية، اختفوا تدريجيًا، واختفت صورهم المشتركة من المشهد العام، وقلّ ذِكر اسمها، وكأن النفوذ الذي كان مصدر قوة، صار الآن عبئًا يخشاه الجميع.
مصادر مطلعة تشير إلى أن هناك إرادة حقيقية لإعادة ترتيب المشهد داخل المؤسسات المالية، حيث لا مكان للنفوذ الفردي، ولا مفر من المساءلة، ولا حصانة تدوم أمام موجات الشفافية والمحاسبة.
ما يجري ليس مجرد تراجع لشخصية نافذة، بل علامة على تحولات أعمق في آليات الإدارة والرقابة، خاصة في القطاعات التي تتعامل مع أموال عامة أو تمويلات خارجية. زمن التغاضي انتهى، والسكوت لم يعد ممكنًا.
وفي غياب الغطاء، تجد «المرأة المحصنة» نفسها أمام مشهد يتغير بسرعة، من قيادة مطلقة إلى عزلة تدريجية، ومن الحضور الطاغي إلى الغياب اللافت.
قصة لم تُكتب نهايتها بعد، لكنها بالتأكيد لن تُشبه بدايتها، فكما صعدت بسرعة غير مسبوقة، يبدو أن هبوطها سيكون بنفس الدرجة من الدراما.. ولكن هذه المرة، بلا مظلة.