ترامب يعيد التوترات إلى الأسواق العالمية: تأثير الرسوم الجمركية على الاقتصاد

أعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التوترات التجارية إلى الساحة العالمية بعد إعلانه عن حزمة جديدة من الرسوم الجمركية المرتفعة على عدد من الشركاء التجاريين الرئيسيين، بما في ذلك اليابان وكوريا الجنوبية.
الخطوة التي أثارت قلق المستثمرين وأدت إلى تراجع مؤشرات وول ستريت، في وقت حافظت فيه الأسواق الآسيوية على نوع من المرونة.
التصعيد التجاري: تهديدات وتداعيات على الأسواق العالمية
في إعلان مفاجئ يوم الاثنين، كشف الرئيس ترامب عن الرسوم الجمركية التي ستكون بنسبة 25% على الواردات القادمة من اليابان وكوريا الجنوبية بدءًا من الأول من أغسطس.
بالإضافة إلى ذلك، تم تحديد رسوم بنسبة 25% على السلع القادمة من ماليزيا وكازاخستان، بينما ستشهد دول أخرى مثل جنوب أفريقيا ولاوس وميانمار مستويات مرتفعة من الرسوم قد تصل إلى 40%.
كما تهدد إدارة ترامب بفرض رسوم بنسبة 10% على أي دولة تتبنى سياسات مجموعة البريكس (البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب أفريقيا) التي تعتبر معادية للمصالح الأمريكية. هذه التصريحات قوبلت بتباين في ردود الأفعال، حيث أبدت الأسواق قلقًا بالغًا من تداعياتها.
الأسواق العالمية تحت ضغط: تقلبات حادة تلوح في الأفق
تسبب الإعلان الأخير في حالة من الضبابية في الأسواق المالية، حيث توقع المحللون تقلبات حادة في أسواق المال. ميشال صليبي، كبير محللي الأسواق المالية في "FxPro"، أشار إلى أن أسواق الأسهم الأمريكية شهدت تراجعات ملحوظة بعد أن كانت قد حققت مستويات تاريخية. ورغم ذلك، أظهرت الأسواق الآسيوية قدرة نسبية على التكيف مع الأوضاع، مستفيدة من ارتفاع أسهم شركات التكنولوجيا مثل شركات الرقائق الإلكترونية التي تحقق أرباحًا من الطلب العالمي القوي والاهتمام المتزايد بالذكاء الاصطناعي.
أما بالنسبة للين الياباني، فقد شهد ضعفًا أمام الدولار الأمريكي، وهو ما كان له تأثير إيجابي على الشركات اليابانية المصدرة. هذا الضعف ساعد على زيادة أرباح الشركات الكبرى، ورفع من مؤشر "نيكاي" للأسهم اليابانية.
توقعات مستقبلية: هل يُعتبر هذا ضغطًا تفاوضيًا؟
رغم حالة القلق السائدة، إلا أن هناك بعض التفاؤل بين أوساط المستثمرين الذين يرون في هذه الخطوة من ترامب وسيلة ضغط تفاوضي قد تؤدي إلى اتفاقات استثنائية أو إعفاءات قبل موعد التنفيذ في الأول من أغسطس. العلاقات الاستراتيجية بين الولايات المتحدة من جهة وكل من اليابان وكوريا الجنوبية من جهة أخرى، قد تمنح الأسواق بعض الأمل في مرونة أمريكية في التعامل مع هذه الرسوم.
تداعيات على الاقتصاد الأمريكي والعالمي
فيما يخص الاقتصاد الأمريكي، يرى أحمد عزام، رئيس الأبحاث في مجموعة "إكويتي"، أن الشركات الأمريكية المستوردة ستواجه تحديات جمة في حال تنفيذ هذه الرسوم، إذ قد تتعرض هوامش الربح لضغوط شديدة بسبب زيادة تكاليف الإنتاج. كما أن المستهلك الأمريكي سيكون هو الآخر عرضة لهذه الضغوط إذا تم تمرير هذه التكلفة إليه، مما قد يزيد من معدلات التضخم.
وتوقع عزام أن الأسواق العالمية ستستمر في التذبذب حتى بداية الشهر المقبل، مع تسارع التقلبات في أسواق الأسهم والعملات. ورغم ذلك، فإن رسائل ترامب الأخيرة تحمل مؤشرًا على تحوّل استراتيجي في سياسة التحالفات الاقتصادية الأمريكية.
رسالة استراتيجية: إعادة تشكيل التحالفات الاقتصادية العالمية
تحليلًا أعمق، يرى عزام أن الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب على اليابان وكوريا الجنوبية تمثل تحولًا استراتيجيًا في هيكلية التحالفات الاقتصادية الأمريكية، حيث يُظهر ترامب بذلك أن العلاقات التجارية ليست فقط قائمة على الأسس الأمنية، بل تفرض على الحلفاء أيضًا "فاتورة تجارية" يجب دفعها.
وفيما يتعلق باختيار اليابان وكوريا الجنوبية كأهداف أولية لهذه الرسوم، أشار عزام إلى أن كلا البلدين يعدان من كبار مصدري السيارات إلى السوق الأمريكي ويعانيان من فوائض تجارية مزمنة مع الولايات المتحدة، مما جعلهما في مرمى "الرسوم التبادلية" التي أطلقها ترامب في مسعى لتحقيق توازن تجاري.
المستقبل القريب: ضغط أكبر على الأسواق إذا فشلت المفاوضات
إذا فشلت المفاوضات التجارية قبل الأول من أغسطس، فالتوقعات تشير إلى أن العالم سيواجه فترة من التوترات التجارية قد تعيد تشكيل قواعد التجارة الدولية. في هذه الحالة، سيؤدي تطبيق هذه الرسوم الجمركية إلى مزيد من الضغوط على الأسواق العالمية، خاصة على أسهم الشركات الآسيوية المصدرة، والتي قد تشهد انخفاضًا كبيرًا في قيمتها.