حكاية هدير ضحية الطريق الإقليمي: كانت بتحوش للجامعة وودّعت أمها من غير رجعة

في كل بيت بسيط بمحافظات مصر، هناك فتاة تشبه هدير، تحلم.. وتكافح.. وتؤمن أن الغد سيكون أفضل، مهما كان تعب اليوم.
كانت هدير واحدة من هؤلاء.. وجه يحمل ملامح الطيبة، وقلب يفيض بحب الحياة والعمل.
خرجت من بيتها صباح الجمعة، تحمل في يدها أملًا، وفي قلبها حلمًا.. لكنها لم تعد.
رحلت، وتركت خلفها أمًّا مكلومة، وأصدقاءً يبكون سيرتها، وقرية بأكملها تودعها بالدموع.
هدير.. ضحية حادث الطريق الإقليمي
داخل قريتها، بإحدى مراكز محافظة المنوفية، كانت هدير تعيش وسط أسرتها الصغيرة، كبرى البنات، وطالبة بالفرقة الثانية في معهد التمريض.
حلمها كان بسيطًا: أن تتخرج وتلتحق بعمل يساعدها على تحسين ظروف أسرتها، وأن ترتدي الزي الأبيض الذي طالما حلمت به.
حادث الطريق الإقليمي
منذ بداية الإجازة الصيفية، قررت هدير العمل في مزارع العنب القريبة، مثل كثير من فتيات قريتها.
لم يكن الأمر سهلًا، كانت تستيقظ مع الفجر، وتخرج للعمل في الحقول تحت أشعة الشمس، تتحمل مشقة الساعات الطويلة، وكلها أمل أن تجمع ما يكفي من المال لتكاليف دراستها المقبلة.
قبل الحادث بيوم، حاولت والدتها إقناعها بأن تأخذ راحة، خاصة وأن يوم الجمعة عطلة أغلب العمال، وبنبرة من القلق والحب، قالت لها: "ارتاحي يا بنتي.. النهارده جمعة"، لكن هدير، كعادتها، رفضت بإصرار وابتسامة بريئة: "لا يا ماما.. عايزة أحوش قرش ينفعني لما الدراسة تبدأ".
في صباح أمس الجمعة، استقلت هدير سيارة العمال، متجهة إلى العمل، كأنها ذاهبة في رحلة قصيرة ستعود بعدها إلى المنزل.
لكنها لم تكن تعلم أن القدر يخبئ لها نهاية مختلفة.
على الطريق الإقليمي، وقع الحادث المروّع الذي أودى بحياتها وحياة زميلاتها من بنات القرية.
عندما وصل الخبر إلى المنزل، تحوّل كل شيء إلى صدمة.. صرخات الأم ملأت المكان، الجيران والأقارب تدافعوا إلى البيت، الجميع يرفض التصديق.
هدير، الفتاة التي كانت منذ ساعات تودّع والدتها، أصبحت الآن من ضحايا الحادث.
الجيران تحدثوا عنها بكلمات موجعة.
قالوا إنها كانت "نور البيت".. طيبة القلب، لا ترد لأحد طلبًا، دائمًا مبتسمة، دائمًا تساعد، لا تعرف الغضب، ولا تعرف الشكوى.
صوتها داخل المنزل كان دائمًا يبدأ بـ: "نعم يا ماما.. حاضر يا ماما".
في أركان بيتها الصغير، ما زالت كتبها الدراسية متناثرة، وشنطتها كما تركتها.. وكأنها ستعود لتفتحها في أي لحظة.
لكن الحقيقة مؤلمة.. هدير رحلت، وتركت خلفها حزنًا كبيرًا في قلب والدتها وكل من عرفها.