كيف أصبحت مصر من بين أكبر 10 دول جذبًا للاستثمار الأجنبي عالميًا؟
دخول مصر نادي العشرة الكبار في جذب الاستثمارات ليس مجرد رقم، بل هو شهادة بثقة المجتمع الدولي في جدوى الإصلاحات الاقتصادية، وساحة اختبار حقيقية لقدرة الدولة على الحفاظ على زخم النمو عبر سنوات قادمة.
مصر في المركز التاسع عالميا والأول إفريقيا وعربيا
ونجحت مصر في الانضمام لقائمة أكبر 10 دول جذبًا للاستثمارات الأجنبية المباشرة (FDI) في العالم لأول مرة في عام 2024، محتلة المركز التاسع عالميًا والأول أفريقيًا، وذلك وفقًا لتقرير الاستثمار العالمي 2024 الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد).
47 مليار دولار في 2024 بمعدل نمو 373%
وكشف التقرير أن حجم تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر 47 مليار دولار، مُتقدمة من المركز 32 عالميًا في عام 2023، والذي سجل 10 مليارات دولار، بمعدل نمو 373%، وذلك بدعم من مشروع رأس الحكمة والصفقات التي أبرمتها الدولة في العام الماضي.
وجاءت مصر في عام 2024 خلف الولايات المتحدة الأمريكية صاحبة المركز الأول، وسنغافورة، وهونج كونج، والصين ولوكسمبورج، وكندا، والبرازيل، وأستراليا .
كيف نجحت مصر في الدخول لـ10 الكبار عالميا؟
في هذا التقرير يسلط موقع تفصيلة الضوء على أهم العوامل التي أدت إلى نجاح مصر في الدخول لهذه القائمة، نتيجة للإصلاحات الكبيرة والتدفقات الاستثمارية الكبيرة.
ونجحت مصر في دخول قائمة أكبر 10 دول جذبًا للاستثمارات الأجنبية المباشرة في 2024 بعد إبرام مزيج من الصفقات الاستثمارية الضخمة، والإصلاحات التشريعية والإجرائية التي حسنت مناخ الأعمال، والمشاريع التنموية الكبرى، مما عزز ثقة المستثمرين وجعل مصر وجهة استثمارية رئيسية على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
لحظة فارقة في مناخ السياسات الاقتصادية للدولة
أشاد الدكتور على الإدريسي، الخبير الاقتصادي، في تصريحات خاصة لموقع تفصيلة بدخول مصر لأول مرة في تاريخها قائمة أكبر عشر دول جذبًا للاستثمارات الأجنبية المباشرة في العالم عام 2024، موضحا أنها تعد لحظة فارقة تعكس تحولًا هيكليًا في مناخ الأعمال والسياسات الاقتصادية للدولة.
وأكد الخبير الاقتصادي، أن هذا الإنجاز لم يكن وليد صدفة، بل جاء نتيجة تفاعل مجموعة من العوامل الاستراتيجية، في مقدمتها تعويم الجنيه بشكل مرن في مارس 2024 ضمن اتفاق مصر مع صندوق النقد الدولي، وهو ما أعاد الثقة في السوق المصرية وساهم في استقرار سوق النقد الأجنبي، وطمأن المستثمرين بشأن إمكانية تحويل أرباحهم بالعملة الصعبة.
تنفيذ أكبر برامج طروحات في تاريخ مصر
وشدد الإدريسي، على أن الدولة نفّذت واحدًا من أوسع برامج الطروحات في تاريخها، حيث باعت حصصًا كبيرة من شركات مملوكة للدولة في قطاعات استراتيجية مثل الطاقة والبنية التحتية والأسمدة والخدمات المالية، لتجمع أكثر من 2.5 مليار دولار خلال العام، معظمها من مستثمرين خليجيين وأجانب، ما ساهم في تنشيط بورصة القاهرة ورفع مستوى السيولة الأجنبية.
وتابع، أن هناك دور كبير في تحسن المؤشرات الكلية، فقد انخفض معدل التضخم الأساسي إلى 18.5% في مايو، مقارنة بذروة بلغت 35% في 2023، كما ارتفع الاحتياطي النقدي إلى 46.7 مليار دولار، وهي مؤشرات عززت مصداقية الإصلاحات أمام المؤسسات المالية الدولية.
مشروع رأس الحكمة
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن الاتفاق الاستثماري الضخم مع الإمارات في مشروع “رأس الحكمة”، الذي جذب أكثر من 35 مليار دولار، شكل نقطة تحول رئيسية، حيث لم يقتصر تأثيره على دعم الاحتياطي، بل امتد ليؤكد قدرة مصر على جذب رؤوس أموال طويلة الأجل في قطاعات استراتيجية، من السياحة إلى النقل والطاقة النظيفة.
تقدم مصر في مؤشر سهولة ممارسة الأعمال
وتابع أنه تزامن هذا مع تحسن واضح في بيئة الأعمال بعد أن تقدمت مصر 16 مركزًا في مؤشر سهولة ممارسة الأعمال، نتيجة تسريع إصدار التراخيص، وتفعيل نظام الرخصة الذهبية، وإصدار حوافز ضريبية ممتدة في عدد من المناطق الجغرافية المستهدفة.
تغيير النظرة المستقبلية لمصر
وأشار إلى أن انعكاسات هذا النجاح كانت واضحة في الأسواق المالية، حيث انخفضت علاوة المخاطر الائتمانية على السندات المصرية بنحو 40% في الربع الثاني من العام، كما رفعت وكالة فيتش تصنيف مصر الائتماني من B- إلى B مع نظرة مستقرة، وهي إشارات قوية للمستثمرين بأن البلاد تسير في اتجاه أكثر استقرارًا ووضوحًا.
ضرورة مواصلة الإصلاحات الهيكلية
واختتم حديثه قائلا: “رغم هذا الإنجاز، تظل استدامة هذه الطفرة الاستثمارية مرهونة بإكمال الإصلاحات الهيكلية، لا سيما في مجالات القضاء وسوق العمل ومكافحة الاحتكار، إضافة إلى ضرورة مواجهة المنافسة الإقليمية من دول مثل السعودية والمغرب التي تسعى بقوة لقيادة تدفقات رأس المال في المنطقة”.