خبراء يكشفون أسباب قفزة الصادرات المصرية غير البترولية إلى 16.7 مليار دولار

شهدت الصادرات المصرية غير البترولية قفزة تاريخية خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2025، حيث سجلت 16.7 مليار دولار، بنسبة زيادة بلغت 27.4% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
هذه الطفرة في الأداء التصديري فتحت باب التحليل والنقاش بين الخبراء حول أسبابها وتداعياتها على الاقتصاد المصري في ظل التحديات الإقليمية والدولية الراهنة.
الزيادة ثمرة الحوافز الحكومية وتنسيق السياسات المالية
قال الدكتور خالد مهدي، الخبير الاقتصادي وأمين لجنة الصناعة بحزب "المصريين"، إن هذا الارتفاع غير المسبوق في قيمة الصادرات غير البترولية يعكس نجاح الحوافز الكبيرة التي وضعتها الدولة لدعم التصدير، وهو ما بدأ يؤتي ثماره سريعًا، مشيرًا إلى أن الوصول إلى مستهدف الـ100 مليار دولار في الصادرات بات أقرب من أي وقت مضى.
وأضاف "مهدي" في تصريحات خاصة لـ«تفصيلة» أن الدولة تمتلك بنية تحتية قوية، وموارد خام متنوعة، وعمالة فنية مؤهلة تجعل منها مركزًا إقليميًا للتصنيع والتصدير، موضحًا أن تحقيق المستهدفات يتطلب تنسيقًا محكمًا بين السياسات المالية والنقدية لتسهيل حركة الإنتاج والبيع الخارجي.
وأوضح أن الحكومة اتخذت إجراءات استثنائية لتحفيز القطاع الصناعي، شملت حل مشكلات المصدرين، وتوفير المواد الخام لتوطين الصناعة المحلية، ما أسهم في توفير العملة الأجنبية وخفض العجز التجاري.
كما أشاد بالأداء القوي لوزارة التجارة والصناعة بقيادة المهندس أحمد سمير، رغم التحديات العالمية، من اضطرابات في البحر الأحمر، وتأثر حركة الملاحة بقناة السويس، مشيرًا إلى أن الوزارة تحملت مسؤولية ضخمة في الحفاظ على زخم التصدير، لكنه شدد في الوقت ذاته على ضرورة استمرار الحوافز وتوسيعها دعمًا للاقتصاد الوطني.

الحرب التجارية تفتح لمصر أبوابًا ذهبية للنمو الاقتصادي
من جانبه، رأى الدكتور السيد خضر، الخبير الاقتصادي، أن تصاعد التوترات التجارية العالمية، خاصة تلك التي تلوّح بها السياسات الأمريكية عبر فرض رسوم جمركية على واردات من دول بعينها، يمثل تحديًا كبيرًا لكنه أيضًا يفتح نوافذ جديدة أمام الاقتصاد المصري إذا ما تم التعامل معه برؤية استراتيجية واضحة.
وأوضح خضر في تصريحات لموقع «تفصيلة» أن هذه الحرب تُحدث خلخلة في منظومة التجارة الدولية وتُجبر الدول المتأثرة بالرسوم الأمريكية على البحث عن شركاء وأسواق بديلة، وهو ما يعزز فرص دخول المنتجات المصرية إلى تلك الأسواق، خاصة إذا تم التركيز على تنويع القاعدة التصديرية وعدم الاعتماد على الأسواق التقليدية.
فرص واعدة في خضم الصراعات التجارية
وأكد أن ارتفاع الرسوم الجمركية العالمية يزيد من تكلفة السلع المستوردة، مما يُمهّد الطريق أمام المنتجات المصرية للمنافسة من حيث الجودة والسعر، إذا ما توفرت لها البيئة المناسبة والدعم المطلوب من الدولة، مشيرًا إلى أن هذه التحولات تتطلب استراتيجية مرنة لتوسيع الصادرات وتكييف القطاعات الإنتاجية مع الطلب العالمي المتغير.
استثمار الموقع الجغرافي وتنويع الأسواق
وشدد الخبير الاقتصادي على أن موقع مصر الاستراتيجي يجعلها مرشحة بقوة لتكون بديلًا جاذبًا للمستثمرين الدوليين الراغبين في الهروب من مناطق النزاع التجاري، موضحًا أن تعزيز الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر يتطلب تحسين بيئة الأعمال، وتقديم حوافز تنافسية، إلى جانب تطوير البنية التحتية وتشجيع القطاع الصناعي المحلي.
دعم الصناعة والابتكار.. والتوسع الزراعي
وأشار إلى أن الأوضاع الراهنة تمثل فرصة قوية أمام الحكومة المصرية لتفعيل دعم الصناعة المحلية وتحفيز الابتكار، خاصة في مجالات التكنولوجيا والإنتاج الذكي، مما يرفع من القدرة التنافسية للمنتجات المصرية في الأسواق العالمية.
كما أكد على أهمية التوسع في تصدير المنتجات الزراعية، لاسيما في ظل الصعوبات التي تواجهها بعض الدول في تأمين احتياجاتها الغذائية.
ولفت الدكتور السيد خضر إلى أن الحرب التجارية تُشكل فرصة لمصر لتعزيز تعاونها الإقليمي مع الدول العربية والأفريقية المتضررة من السياسات الحمائية الدولية، وبناء شراكات استراتيجية قائمة على المصالح الاقتصادية المتبادلة، فضلًا عن ضرورة تفعيل اتفاقيات التجارة الحرة والتوسع فيها، بما يفتح آفاقًا أوسع للتجارة البينية والاستثمار المشترك.