رئيس مجلس الادارة
عمرو عامر
رئيس التحرير
معتز سليمان
مدير التحرير
نصر نعيم

كيف يؤثر مخالفة النظام العام على شرعية الحج؟

حجاج على جبل عرفات
حجاج على جبل عرفات

في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه تنظيم الشعائر الدينية الكبرى، وعلى رأسها فريضة الحج، برزت دعوة مفتي الجمهورية الدكتور نظير عياد كرسالة حاسمة تُعيد التأكيد على أهمية الالتزام بالأنظمة الرسمية المنظمة لهذه الفريضة. 

في وقت تتجه فيه الدول لضبط حركة الحشود وضمان سلامة الحجاج، أكد المفتي أن الحج دون تصريح رسمي لا يُعد فقط مخالفة قانونية، بل هو مخالفة شرعية تُحمّل مرتكبها وزر العصيان لأوامر ولي الأمر، وتُفرغ مفهوم الاستطاعة من جوهره الشرعي الصحيح. 

 مخالفة شرعية 

أكد مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن أداء مناسك الحج دون الحصول على تصريح رسمي من الجهات المختصة في المملكة العربية السعودية يُعد مخالفة شرعية صريحة.

وشدد على أن التصاريح التنظيمية أصبحت اليوم جزءًا لا يتجزأ من شروط الاستطاعة الشرعية، التي لا يكتمل بها وجوب الحج إلا بتوافرها.

وأوضح المفتي أن تنظيم شؤون الحج مسؤولية شرعية لولي الأمر، وطاعته واجبة في كل ما يحقق مصلحة عامة، لا سيما في إدارة الشعائر الكبرى كالحج، مؤكداً أنه لا يجوز شرعًا الحج دون تصريح، ومن يُقدم على ذلك يعد آثمًا شرعًا، حتى وإن صحّت عبادته من حيث الأركان.

العبادة صحيحة والمخالفة آثمة

وأضاف أن من يؤدي الحج بلا تصريح يكون قد أسقط المطالبة الشرعية من حيث أداء المناسك، لكن ذلك لا يعفيه من الإثم الناتج عن مخالفة الأنظمة، موضحًا أن المخالفة لا تبطل الحج من الناحية الفقهية، ولكنها تُفسد المقصد الأخلاقي والشرعي منه.

تشويه لصورة الدولة والمجتمع

وأشار عياد إلى الأثر السلبي الذي يتركه الحجاج غير النظاميين على سمعة دولهم ومواطنيهم أمام العالم، مشددًا على أن تكرار هذه الظاهرة يُفقد المجتمعات مصداقيتها، ويُظهرها بمظهر من لا يلتزم بتعاليم الدين في طاعة ولي الأمر واحترام النظام.

وقال المفتي إنه حين تُعرف دولة أو مجتمع بمخالفة التعليمات، فإن ذلك يناقض الرقي والنظام العام الذي يدعو إليه الإسلام، مضيفًا أن مثل هذه الممارسات تؤدي إلى فقدان الثقة والمصداقية الدولية، وهو أمر ترفضه الشريعة والعقل معًا.

ضرر بالغ على الدولة المضيفة

ولم يغفل مفتي الجمهورية الإشارة إلى الأضرار التي تلحق بالدولة المضيفة – المملكة العربية السعودية – نتيجة وجود حجاج غير نظاميين، حيث يؤدي ذلك إلى زيادة الضغط على الجهات المنظمة، وارتفاع مستويات الزحام، وغياب القدرة على استيعاب الأعداد الزائدة، ما يُحدث مشقة على المسؤولين والحجاج معًا.

واستشهد المفتي بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار)، مؤكدًا أن إدخال الضرر على الآخرين مرفوض شرعًا بكل صوره.

مراعاة التعليمات التنظيمية واجب شرعي

وأكد عياد أن اتباع التعليمات الصادرة عن الجهات المنظمة للحج ليس خيارًا، بل واجب شرعي، لما في ذلك من تحقيق لمصالح عامة ومنع للمفاسد، لافتًا إلى أن التساهل في هذه التعليمات يؤدي إلى إفساد العبادة على الغير، وإلى الإضرار بمصالح الحجاج كافة.

خرق النظام العام إثم مضاعف

وصف المفتي مخالفة التعليمات بأنها خرق للنظام العام، وهو أمر مرفوض شرعًا، خاصة إذا ترتب عليه ضرر جماعي أو تهديد لسلامة الآخرين، مضيفًا أن الإثم يشتد بقدر الضرر الواقع، لأن فيه تضييعًا لحقوق الناس، وتعطيلًا للمنافع التي أُنشئت الأنظمة لحمايتها.

الزحام غير النظامي خطر على الأرواح

ونبّه إلى أن وجود حجاج غير نظاميين يؤدي إلى زحام مفرط يفوق القدرة الاستيعابية للمشاعر المقدسة، ما قد يُعرّض الحجاج للخطر، في مخالفة صريحة للآيات الكريمة:

﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195]
﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: 29].

دعوة للالتزام وتغليب المصلحة العامة

دعا مفتي الجمهورية المسلمين كافة إلى الالتزام التام بالأنظمة المنظمة للحج، واعتبار التصريح جزءًا من شروط أداء العبادة، وليس قيدًا إداريًا.

وأكد أن التزام النظام يعكس أخلاق المسلم وسلوكه القويم، ويحقق الغاية من فريضة الحج في أجواء يسودها النظام والأمان والسلامة.

تم نسخ الرابط