كنز في باطن الأرض.. مصر تبدأ إنتاج اليورانيوم وتستعد لثورة نووية (فيديو)

في خطوة مدروسة وجريئة، بدأت مصر أولى خطواتها الفعلية نحو دخول نادي الطاقة النووية العالمي، بإطلاق مشاريع تجريبية لإنتاج اليورانيوم من باطن أرضها الغنية بالثروات المعدنية.
مشروع طموح في "أبو رشيد" و"السيلة"
وفقًا لتقرير حديث صادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بدأت الحكومة المصرية العمل على تشغيل منشآت تجريبية لإنتاج اليورانيوم في منطقتي أبو رشيد والسيلة، وهما من أغنى المناطق بالخامات المشعة في البلاد.
هذا التوجه يمثل خطوة حاسمة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من الوقود النووي، ويمهد الطريق لاستخدامه في تشغيل المفاعلات النووية المستقبلية، خاصة في ظل الاستعدادات لتشغيل محطة الضبعة النووية.
تطوير منشآت الاسترجاع ورفع كفاءة الإنتاج
إلى جانب المنشآت الجديدة، تعمل الدولة على تطوير تقنيات استرجاع اليورانيوم في منشآت "قطار" و"أبو زنيمة"، من خلال تعزيز الكفاءة وتقليل الفاقد.
وتهدف هذه الجهود إلى تحسين سلسلة الإمداد النووي ورفع جاهزية مصر للانخراط بقوة في قطاع الطاقة النووية.
استثمارات محسوبة ومسار تصاعدي
رغم التحديات، تمضي مصر بخطى محسوبة في هذا المسار، حيث كشفت البيانات الرسمية أن الاستثمارات الموجهة لاستكشاف وتطوير مناجم اليورانيوم بلغت: 186 ألف دولار في 2020، 192 ألف دولار في 2021، 160 ألف دولار في 2022، ثم انخفضت إلى 97 ألف دولار فقط في 2023
ورغم التراجع النسبي، يشير التقرير إلى أن العمل مستمر على نطاق واسع، ما يعكس إدارة دقيقة وتخطيطًا طويل الأجل لتحقيق أقصى استفادة من الموارد المتاحة.
قفزة ضخمة في احتياطي اليورانيوم
أحد أبرز الإنجازات جاء بعد تطوير مشروع "أبو رشيد"، حيث ارتفع احتياطي اليورانيوم في مصر إلى نحو 16,100 طن، بزيادة تقارب 13.6 ألف طن مقارنة بالسنوات السابقة.
وتتراوح تكلفة الاستخراج حاليًا ما بين 130 إلى 260 دولارًا للكيلوغرام، ما يعد مؤشرًا جيدًا في ظل التقلبات العالمية بأسعار الطاقة والوقود النووي.
دعم دولي وتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية
تحظى هذه الجهود بدعم تقني ودولي من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي تعمل مع مصر في تنفيذ دراسات الجدوى وتطوير تقنيات استخراج اليورانيوم من مصادر غير تقليدية، مما يعزز الثقة في مستقبل هذا القطاع الاستراتيجي.
الفوسفات والرمال السوداء.. كنوز غير مستغلة بالكامل
من بين المصادر الواعدة:
رواسب الفوسفات: تحتوي على اليورانيوم بنسبة تتراوح بين 50 إلى 200 جزء في المليون، ويقدر المخزون الكلي بنحو 700 مليون طن.
وتشير التقديرات السابقة إلى وجود ما يصل إلى 42 ألف طن من اليورانيوم في هذه الرواسب.
الرمال السوداء: تعد مصدرًا مهمًا للمعادن المشعة والعناصر الأرضية النادرة، حيث تحتوي على نحو 6 ملايين طن من المواد ذات القيمة الصناعية العالية.
بعض أنواع المونازيت المستخرجة منها تحتوي على 0.5% يورانيوم و6% ثوريوم.
مستقبل مشرق للطاقة النووية في مصر
مع هذه التطورات المتسارعة، تبدو مصر على مشارف نقلة نوعية في مجال الطاقة النووية.
التخطيط المنهجي، وتعدد الموارد، والدعم الدولي، كلها عوامل تجعل من الطاقة النووية خيارًا استراتيجيًا لتعزيز أمن الطاقة، وتنويع مصادرها، وتحقيق التنمية المستدامة في السنوات المقبلة.