بين موازنة الحقوق وتجنّب الصدام الاجتماعي
أخطر بنود قانون الإيجار القديم.. كيف تحافظ الحكومة على حقوق المالك والمستأجر؟

عقودٌ طويلة مضت وقضية الإيجار القديم لا تزال موضع جدل مستمر، بين شكاوى الملاك من تجميد عوائد أملاكهم، وتمسّك المستأجرين بحقوق مكتسبة دامت لعقود.
واليوم، تدخل الدولة مرحلة جديدة في التعامل مع هذا الملف، من خلال مشروع قانون جديد أحالته الحكومة إلى مجلس النواب، يهدف إلى إعادة تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، بشكل عادل وتدريجي.
مشروع القانون لم يُقر بعد، والنقاش لا يزال مفتوحًا داخل اللجان البرلمانية المختصة، التي أجمعت على ضرورة الوصول إلى صيغة تحقق العدالة الاجتماعية والتشريعية.
فالمسألة لا تحتمل التسرع، بل تتطلب مشاركة مجتمعية واسعة تُراعي الظروف الاقتصادية والمعيشية للمواطنين، وتُحقق تطلعات الملاك بعد سنوات من الجمود القانوني.
نقلة تشريعية
يستهدف مشروع القانون إيجاد توازن دقيق بين حقوق الطرفين، دون أن يتسبب في تشريد أو ظلم لأحد.
فقد نص على فترة انتقالية مدتها خمس سنوات، تبدأ من تاريخ تطبيق القانون، يتم خلالها تعديل القيمة الإيجارية تدريجيًا:
- للوحدات السكنية: 20 ضعف القيمة الحالية، على ألا تقل عن 1000 جنيه في المدن، و500 جنيه في القرى.
- للوحدات غير السكنية (كمحالّ وغيرها): 5 أضعاف القيمة الحالية.
- زيادة سنوية على القيمة المعدّلة بنسبة 15% طوال فترة الانتقال.
مصير العقود بعد انتهاء المهلة
- بنهاية السنوات الخمس، تُنهى العلاقة الإيجارية تلقائيًا.
- إذا لم يُخلِ المستأجر الوحدة، يحق للمالك اللجوء إلى قاضي الأمور الوقتية للحصول على أمر فوري بالإخلاء.
- للمستأجر الحق في الطعن عبر دعوى مدنية، دون أن يعطّل ذلك تنفيذ قرار الإخلاء.
ضمانات للمستأجرين.. الدولة تطرح البدائل
في خطوة تعكس حرص الدولة على عدم ترك أحد دون مأوى، نص المشروع على أولوية المستأجر في الحصول على وحدة بديلة سواء بالإيجار أو التملك، ضمن مشروعات الإسكان التي تطرحها الحكومة، وفق قواعد يصدر بها قرار من رئيس مجلس الوزراء، خلال شهر من بدء تنفيذ القانون.
كما سيتم تدشين بوابة إلكترونية لاستقبال طلبات المستأجرين الراغبين في الانتقال، على أن تُفعّل خلال شهر من القرار، ويتاح التقديم عبرها لمدة ثلاثة أشهر.
الحكومة منفتحة على تعديل مواد القانون
أكد المهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، أن تبادل الرؤى بين الحكومة والنواب حول مشروع قانون الإيجار القديم يُعد خطوة إيجابية تعكس الحرص المشترك على الوصول لصيغة متوازنة تحفظ حقوق جميع الأطراف.
وأشار الوزير إلى أن أزمة الإيجار القديم تُعد من أعقد الملفات التي تمس قطاعًا عريضًا من المواطنين، سواء من الملاك أو المستأجرين، حيث يعاني الطرفان من اختلالات مزمنة في العلاقة الإيجارية منذ سنوات طويلة.
آلية عادلة للتطبيق
أوضح الشربيني أن الحكومة تدرك حساسية الملف، وتسعى إلى وضع آلية حقيقية قابلة للتطبيق تضمن العدالة، مع التأكيد على أن بعض الحالات الإنسانية قد تستدعي عدم تحرير العلاقة الإيجارية، وذلك بعد دراسة أوضاعها بشكل دقيق.
وأضاف أن هناك مستأجرين يمتلكون وحدات أخرى يعتمدون على عوائدها في تغطية تكاليف الإيجار، مما يستوجب تقييم كل حالة على حدة، مؤكداً أن الدولة على استعداد لتقديم الدعم، سواء من خلال استمرار عقد الإيجار أو توفير سكن بديل، وفقًا لما يتناسب مع الظروف الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين.
وحدات بديلة قيد الإعداد
وحول توفير البدائل، لفت الوزير إلى أن الوحدات السكنية المتاحة حاليًا قد تكون محدودة أو مرتفعة التكلفة، مما دفع الحكومة إلى دراسة ضخ مزيد من الوحدات خلال الفترة المقبلة لتلبية احتياجات المستحقين، مؤكدًا أن المدة الانتقالية المقترحة (خمس سنوات) لتحرير العلاقة الإيجارية ليست نهائية وقابلة للنقاش.
وأكد وزير الإسكان أن الدولة لن تسمح بإخراج أي مواطن من مسكنه دون بديل، مشددًا على أن لن يترك أحدًا في الشارع.