تصعيد إسرائيلي جديد في غزة.. غارات مكثفة وسط تعثر مفاوضات وقف إطلاق النار

في ظل انسداد الأفق السياسي وغياب أي تقدم ملموس في جهود التهدئة، شنت قوات الاحتلال الإسرائيلية موجة جديدة من الغارات الجوية العنيفة على قطاع غزة، مستهدفة نحو 40 موقعًا.
تأتي هذه الضربات بعد ساعات قليلة من رفض حركة حماس عرضاً إسرائيلياً لوقف إطلاق النار، وصفته الحركة بأنه يفتقر إلى ضمانات لإنهاء الحرب بشكل نهائي وشامل.
غارات مكثفة في الجنوب والشمال
أفاد جيش الاحتلال في بيان، أن الغارات استهدفت مواقع في منطقتي الشابورة وتل السلطان قرب مدينة رفح جنوب القطاع، بالإضافة إلى عمليات عسكرية مستمرة في شمال غزة.
وتمكنت قوات الاحتلال من السيطرة على مناطق واسعة شرق مدينة غزة، في إطار ما وصفه الجيش بمواصلة الضغط العسكري على حركة حماس.
ويأتي هذا التصعيد في أعقاب استئناف العمليات العسكرية الإسرائيلية الشهر الماضي، بعد انهيار هدنة استمرت قرابة شهرين، كانت قد نجحت إلى حد كبير في خفض وتيرة القتال.
ومنذ ذلك الحين، توسعت العمليات البرية الإسرائيلية لتشمل مناطق جديدة، وبات جيش الاحتلال يسيطر فعلياً على نحو ثلث مساحة القطاع.
جمود في الوساطة
في موازاة التصعيد الميداني، تواصل مصر جهودها لإحياء اتفاق التهدئة الذي تم التوصل إليه في يناير الماضي، لكنه سرعان ما انهار إثر تجدد الغارات وعودة القوات الإسرائيلية إلى الميدان.
ورغم الاجتماعات المكثفة في القاهرة، تؤكد مصادر مطلعة لـ"تفصيلة" أن الخلافات الجوهرية بين الطرفين لا تزال تحول دون التوصل إلى اتفاق شامل، وسط إصرار كل طرف على شروطه.
حماس: مستعدون للتبادل مقابل إنهاء الحرب
من جانبه، قال خليل الحية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة، إن الحركة على استعداد لإجراء صفقة تبادل تشمل إطلاق جميع الأسرى الإسرائيليين وعددهم 59، مقابل إفراج شامل عن الأسرى الفلسطينيين، وإنهاء الحرب وبدء عملية إعادة إعمار القطاع.
إلا أن الحية رفض المقترح الإسرائيلي الأخير، واصفاً إياه بأنه يفتقر للجدية ويحمل شروطاً تعجيزية، في إشارة إلى مطلب إسرائيل بنزع سلاح حماس كشرط مسبق للتهدئة.
إسرائيل تتمسك بشروطها وتخطط للبقاء
ورغم عدم صدور رد رسمي على تصريحات الحية، فإن تصريحات متكررة من عدد من الوزراء الإسرائيليين، وعلى رأسهم وزير جيش الاحتلال يسرائيل كاتس، تؤكد أن إسرائيل ترفض أي تسوية لا تشمل نزع سلاح حماس بالكامل، كما تعارض بشدة مشاركة الحركة في إدارة غزة مستقبلاً.
وفي مؤشر على النوايا الإسرائيلية للبقاء، أكد كاتس أن قوات الاحتلال ستواصل التمركز في المنطقة العازلة التي تمتد الآن داخل قطاع غزة وتقسمه فعلياً إلى شطرين، حتى بعد التوصل إلى أي اتفاق، في خطوة تُثير مخاوف واسعة بشأن مستقبل القطاع ووحدته الجغرافية.
مأزق إنساني وسياسي
وبين تصاعد الضربات وتعثر الحلول السياسية، يبقى سكان قطاع غزة في قلب معاناة إنسانية متفاقمة، في وقت تحذر فيه منظمات دولية من أن القطاع بات على شفا كارثة غير مسبوقة، نتيجة الدمار واسع النطاق والحصار المشدد ونقص الإمدادات الحيوية.
أكدت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، أن الحصار المفروض على قطاع غزة من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ نحو سبعة أسابيع، هو الأشد قسوة منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر 2023، محذّرة من تداعيات إنسانية كارثية مع استمرار إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات.
نزوح واسع وتجدد القصف
وأوضحت الوكالة أن نحو 420 ألف مواطن نزحوا مجدداً داخل قطاع غزة منذ 18 مارس الماضي، نتيجة تجدد العمليات العسكرية والقصف المكثف الذي تتعرض له مناطق متفرقة من القطاع بعد انهيار اتفاق وقف إطلاق النار الأخير.
وأضافت أن الكثير من النازحين اضطروا للفرار من منازلهم أكثر من مرة منذ بداية الحرب.
مساعدات محدودة وأوضاع كارثية
وأشارت الأونروا إلى أن الوضع الإنساني في غزة بات على حافة الانهيار، مؤكدة أن الإمدادات الإنسانية الأساسية مثل الغذاء والوقود والأدوية ولقاحات الأطفال تنفد بسرعة نتيجة الحصار المحكم الذي دخل أسبوعه السابع، وهو ما جعل الأوضاع الحالية أكثر سوءاً حتى من الأيام الأولى عقب اندلاع الحرب.
ضحايا مدنيون واستهداف مباشر
وحذّرت الوكالة الأممية من أن استمرار غياب المساعدات وتزايد حدة العمليات العسكرية تسببا في سقوط أعداد متزايدة من الضحايا المدنيين، مؤكدة أن كثيراً من المدنيين فقدوا أرواحهم خلال الأسابيع الماضية نتيجة القصف الإسرائيلي المكثف، الذي طال أحياء سكنية ومناطق مكتظة بالسكان.
الأونروا: 115 ملجأ و90 ألف نازح
وفي ظل هذا التصعيد، أكدت الأونروا أنها تُدير حالياً 115 مركز إيواء موزعة في أنحاء قطاع غزة، تؤوي أكثر من 90 ألف نازح، معظمهم يعيشون في ظروف بالغة الصعوبة، تفتقر إلى مقومات الحياة الأساسية من ماء وغذاء ورعاية صحية.