رئيس مجلس الإدارة
رضا سالم
رئيس التحرير
نصر نعيم

هل يختفي الدعم العيني؟.. الحكومة تفتح أخطر ملف اقتصادي وتكشف مفاجآت الكارت الموحد

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

مع اقتراب بداية العام الجديد، يعيش الشارع المصري حالة من الترقب والحذر، في ظل تساؤلات متزايدة حول مصير منظومة الدعم، وحدود التغيير المرتقب في آليات وصوله إلى المواطنين، لا سيما بعد تداول أنباء عن احتمالات تحويل الدعم العيني إلى دعم نقدي هذه التساؤلات تزامنت مع متابعة دقيقة لحركة الأسعار، وانتظار قرارات قد تمس حياة ملايين الأسر المصرية، وسط وعود حكومية بإصلاحات شاملة توازن بين حماية الفئات الأكثر احتياجًا وتعزيز كفاءة الإنفاق العام.

في هذا السياق، خرجت الحكومة، عبر تصريحات رسمية، لتضع النقاط فوق الحروف، وتكشف تفاصيل ما يجري خلف الكواليس، سواء فيما يتعلق بمنظومة الدعم أو بخطط الطروحات الحكومية والتوسع في إشراك القطاع الخاص، فضلًا عن مفاجآت أخرى تتعلق بمبادرات تخفيف الأعباء عن المواطنين، مثل معارض «أهلًا رمضان».

الدعم النقدي تحت الدراسة.. لا قرارات نهائية حتى الآن

حسم المستشار محمد الحمصاني، المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء، الجدل الدائر بشأن تحويل الدعم العيني إلى دعم نقدي، مؤكدًا بشكل قاطع أنه لا يوجد حتى الآن أي قرار رسمي في هذا الشأن.

وأوضح أن الملف ما زال قيد الدراسة والتقييم، وأن الحكومة لم تتخذ قرارًا نهائيًا بالتحول من الدعم العيني إلى النقدي.

وأشار الحمصاني إلى أن الحديث المتداول حول الدعم النقدي لا يتجاوز كونه سيناريو مطروحًا على طاولة البحث، يتم دراسته من مختلف الزوايا الاقتصادية والاجتماعية، لضمان عدم الإضرار بمحدودي الدخل، وتحقيق العدالة في توزيع الدعم، مؤكدًا أن أي قرار يتعلق بهذا الملف سيُعلن للرأي العام بكل وضوح وشفافية فور اتخاذه.

لماذا تتأنى الحكومة في ملف الدعم؟

بحسب المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء، فإن الحكومة تدرك حساسية ملف الدعم، باعتباره أحد الأعمدة الأساسية للحماية الاجتماعية، ولذلك تتعامل معه بمنتهى الحذر. فالتحول من الدعم العيني إلى النقدي لا يرتبط فقط بتغيير آلية الصرف، وإنما يتطلب بنية معلوماتية دقيقة، وقاعدة بيانات شاملة، تضمن وصول الدعم إلى مستحقيه الحقيقيين دون تسرب أو إهدار.

وأكد الحمصاني أن أي خطوة مستقبلية في هذا الاتجاه لن تتم قبل استكمال الأدوات اللازمة، وفي مقدمتها منظومة «الكارت الموحد»، التي تمثل حجر الأساس في إصلاح منظومة الدعم بشكل عام.

الكارت الموحد.. البوابة الرقمية لإصلاح الدعم

في قلب خطة الإصلاح، تأتي منظومة «الكارت الموحد» باعتبارها المشروع الأهم الذي تعمل عليه الحكومة حاليًا ووفقًا لتصريحات الحمصاني، فإن المرحلة الراهنة تركز بشكل أساسي على تنفيذ وتعميم هذه المنظومة، التي تستهدف إنشاء قاعدة بيانات رقمية متكاملة تضم كافة بيانات المواطنين، بما يسمح بتحسين كفاءة تقديم خدمات الدعم وضمان وصوله إلى مستحقيه.

وأوضح المتحدث الرسمي أن الكارت الموحد لا يقتصر على الدعم التمويني فقط، بل يمثل خطوة أوسع نحو ميكنة الخدمات الحكومية، وربط قواعد البيانات المختلفة، بما يعزز من دقة الاستهداف ويحد من التلاعب أو الازدواجية.

بورسعيد نموذجًا تجريبيًا.. 41 ألف أسرة على المنظومة

كشف الحمصاني أن منظومة الكارت الموحد تم تشغيلها بالفعل بصورة تجريبية في محافظة بورسعيد، حيث جرى تسجيل نحو واحد وأربعين ألف أسرة ضمن المنظومة، في تجربة تعد الأولى من نوعها على مستوى الجمهورية.

وأكد أن نتائج التشغيل التجريبي تخضع للتقييم المستمر، تمهيدًا للتوسع التدريجي في تطبيق المنظومة على باقي المحافظات خلال الفترة المقبلة، مشددًا على أن الحكومة لن تنتقل إلى أي مرحلة جديدة قبل التأكد من كفاءة المنظومة وقدرتها على إدارة ملف الدعم بكفاءة وعدالة.

الدعم النقدي مؤجل.. والقاعدة البياناتية أولًا

وجدد المتحدث الرسمي التأكيد على أن الحديث عن الدعم النقدي ما زال في إطار الدراسة فقط، ولا يوجد أي قرار حكومي حالي بالتحول إليه.
وأوضح أن الحكومة تسعى في المقام الأول إلى بناء قاعدة بيانات دقيقة ومحدثة من خلال الكارت الموحد، باعتبارها شرطًا أساسيًا لأي إصلاح حقيقي ومستدام في منظومة الدعم.

وأشار إلى أن هذه القاعدة ستُمكِّن الدولة من اتخاذ قرارات مدروسة مستقبلًا، قائمة على بيانات واقعية، وليس تقديرات عامة.

معارض «أهلًا رمضان».. مفاجأة تخفيف الأعباء

وفي خضم الحديث عن الدعم والأسعار، برزت معارض «أهلًا رمضان» كأحد أدوات الحكومة لتخفيف الأعباء عن المواطنين، خاصة مع اقتراب شهر رمضان المبارك ورغم عدم التوسع في التفاصيل خلال التصريحات، إلا أن الرسالة الحكومية بدت واضحة: لا تراجع عن مبادرات توفير السلع بأسعار مخفضة، بالتوازي مع أي إصلاحات اقتصادية.

وتعكس هذه المعارض توجه الدولة نحو الجمع بين الإصلاح الهيكلي والحماية الاجتماعية، في محاولة لتخفيف وطأة التضخم على الأسر المصرية.

الطروحات الحكومية.. خطة ممتدة حتى 2026

بعيدًا عن ملف الدعم، كشف المستشار محمد الحمصاني عن توجه حكومي واضح للتوسع في طرح المزيد من الشركات الحكومية بالبورصة المصرية خلال عام 2026، ضمن برنامج الطروحات الحكومية الذي يستهدف تعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني.

وأوضح أن هذا التوجه يأتي في إطار رؤية أشمل لإعادة هيكلة الاقتصاد، وزيادة كفاءة إدارة الأصول العامة، وجذب استثمارات جديدة محلية وأجنبية.

اجتماعات رفيعة المستوى لمتابعة التنفيذ

وأشار الحمصاني إلى أن اجتماع الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مع الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، والدكتور إسلام عزام، رئيس البورصة المصرية، ومحمد الصياد، نائب رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، جاء لمتابعة مستجدات خطة الطروحات.

وأكد أن المرحلة الحالية تشهد تجهيز عدد من الشركات تمهيدًا لطرحها في البورصة، وفق معايير دقيقة تضمن نجاح الطروحات وتحقيق أقصى استفادة ممكنة للاقتصاد الوطني.


لماذا لا تُعلن أسماء الشركات الآن؟

وفي رد على التساؤلات حول عدم الإعلان عن أسماء الشركات المستهدفة بالطرح، أوضح الحمصاني أن الدراسة لا تزال جارية، وأن الحكومة تفضل عدم الكشف عن الأسماء قبل الانتهاء من إجراءات القيد بالبورصة بشكل رسمي.

وأكد أنه فور استكمال الإجراءات القانونية والفنية، سيتم الإعلان عن التفاصيل كافة، بما يشمل عدد الشركات وأسمائها وكافة البيانات المرتبطة بها، التزامًا بمبدأ الشفافية.

القطاع الخاص في الصدارة.. أكثر من 60% من الاقتصاد

سلط المتحدث الرسمي الضوء على أهمية هذا التوجه، مشيرًا إلى أن استثمارات القطاع الخاص تخطت بالفعل نسبة ستين في المئة من حجم الاقتصاد، وهو ما يعكس تحسن مناخ الاستثمار في مصر خلال الفترة الأخيرة.

وأوضح أن تعظيم دور القطاع الخاص لا يعني انسحاب الدولة، بل إعادة توجيه دورها نحو التنظيم والرقابة، وترك مساحة أكبر للمبادرة والاستثمار، بما يحقق النمو ويخلق فرص عمل جديدة.

تم نسخ الرابط