رئيس مجلس الإدارة
رضا سالم
رئيس التحرير
نصر نعيم

وزارة الأوقاف تعيد ضبط استخدام مكبرات الصوت في المساجد

وزير الأوقاف
وزير الأوقاف

في توقيت يتجدد فيه الجدل المجتمعي حول استخدام مكبرات الصوت في المساجد، خرجت وزارة الأوقاف لتؤكد أن ما أُثير مؤخرًا لا يتعلق بقرارات جديدة أو إجراءات مفاجئة، بل بإعادة تذكير بضوابط راسخة معمول بها منذ سنوات طويلة تصريحات رسمية جاءت لتضع النقاط فوق الحروف، وتوضح الفلسفة الدينية والتنظيمية التي تحكم استخدام الوسائل الصوتية داخل بيوت الله، في محاولة للموازنة بين تعظيم الشعائر، والحفاظ على راحة المواطنين، وترسيخ خطاب ديني وسطي يعكس جوهر الإسلام القائم على الرحمة والجمال.

ضوابط قديمة تتجدد.. لماذا أعادت الأوقاف التعميم؟

أكد الدكتور أسامة رسلان، المتحدث الرسمي باسم وزارة الأوقاف، أن الضوابط المنظمة لاستخدام مكبرات الصوت في المساجد ليست وليدة اللحظة، بل هي قواعد مستقرة منذ سنوات، تطبق في مختلف المساجد على مستوى الجمهورية.

وأوضح أن ما جرى مؤخرًا هو تجديد للتعميم الإداري، هدفه التذكير بتلك الضوابط، والتأكيد على ضرورة الالتزام بها بدقة، خاصة في ظل رصد بعض المخالفات المتكررة.

وأشار رسلان إلى أن إعادة التعميم جاءت استجابة لعدة عوامل مجتمعة، من بينها انتقال أو تعيين أئمة وعمال جدد في عدد من المساجد، فضلًا عن التطور الملحوظ في أنظمة الصوت الحديثة، التي باتت أكثر قوة وانتشارًا، وهو ما يستوجب التأكيد على حسن استخدامها، وعدم ترك الأمر لاجتهادات فردية قد تسيء للمقصد الشرعي من الشعائر.

مكبرات الصوت بين التطور التقني وسوء الاستخدام

خلال مداخلة هاتفية ببرنامج «ستوديو إكسترا» المذاع على قناة «إكسترا نيوز»، أوضح المتحدث باسم وزارة الأوقاف أن إدخال تجهيزات صوتية حديثة إلى المساجد لا يعني إطلاق العنان لاستخدامها دون ضوابط، مؤكدًا أن التطور التقني يجب أن يكون في خدمة العبادة، لا أن يتحول إلى وسيلة للإزعاج أو التشويش.

وشدد على أن بعض الممارسات الخاطئة في استخدام مكبرات الصوت، سواء برفع الصوت بشكل مبالغ فيه أو باستخدامها في غير موضعها، كانت سببًا مباشرًا في إعادة التذكير بهذه القواعد، لافتًا إلى أن رسالة المسجد أسمى من أن تختزل في مجرد ارتفاع الصوت أو استعراض الإمكانيات التقنية.

فلسفة العبادة في خطاب الأوقاف: التيسير لا التنفير

أوضح الدكتور أسامة رسلان أن وزارة الأوقاف تنطلق في تنظيمها لاستخدام مكبرات الصوت من مبدأ ديني أصيل، قوامه أن العبادة جاءت للتيسير لا للتعسير، وللتحبيب لا للتنفير. وأكد أن امتلاك المساجد لمكبرات صوت متطورة لا ينبغي أن يكون سببًا في إزعاج المواطنين، أو التأثير السلبي على المرضى وكبار السن والأطفال، أو خلق حالة من النفور تجاه سماع القرآن الكريم أو الشعائر الدينية.

وأشار إلى أن الهدف الأساسي من استخدام هذه الوسائل هو إيصال رسالة المسجد بروحها الصحيحة، بما يعين المصلين على الخشوع، ويجعل الأذان والذكر والقرآن مصدر سكينة وطمأنينة، لا ضجيج أو توتر.

الأذان رسالة محبة لا مصدر إزعاج

لفت المتحدث باسم وزارة الأوقاف إلى أن بيان الوزارة شدد بوضوح على أن الإسلام دين رحمة وجمال، وأن الأذان ليس مجرد إعلان عن دخول وقت الصلاة، بل هو رسالة محبة وإخلاص، ينبغي أن تصل إلى الناس بصورة تليق بمعناها ومكانتها.

وأكد أن هذا التوجه يعكس أحد ثوابت الخطاب الديني الوسطي الذي تعمل وزارة الأوقاف على ترسيخه، خطاب يوازن بين تعظيم الشعائر واحترام حقوق الإنسان، ويؤكد أن التدين الحقيقي لا يتعارض مع الذوق العام ولا مع راحة المجتمع.

السيرة النبوية مرجعية الجمال في الشعائر

وفي سياق تأصيل هذا التوجه، استحضر الدكتور أسامة رسلان السيرة النبوية الشريفة، مشيرًا إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم جسّد مفهوم الجمال في أداء الشعائر الدينية واستشهد باختيار النبي لسيدنا بلال بن رباح رضي الله عنه لرفع الأذان، لما كان يتمتع به من جمال الصوت وحسن الأداء.

وأوضح أن هذا الاختيار لم يكن أمرًا عارضًا، بل رسالة واضحة تؤكد أن الأذان ينبغي أن يكون نداءً يبعث السكينة في النفوس، ويجذب الناس إلى الصلاة، لا أن يكون سببًا في نفورهم أو تضايقهم، وهو ما يعكس فهمًا عميقًا لمقاصد العبادة وروحها.

بين قدسية المسجد وحقوق المجتمع

يؤكد تحقيق الأوقاف أن ضبط استخدام مكبرات الصوت ليس تقليلًا من شأن الشعائر، ولا مساسًا بقدسية المساجد، بل هو تنظيم يهدف إلى الحفاظ على هيبة بيوت الله، وصون رسالتها الروحية، واحترام المحيط المجتمعي الذي تعيش فيه.

وتسعى الوزارة، من خلال هذه الضوابط، إلى تحقيق معادلة دقيقة تجمع بين تعظيم العبادة، وحماية السلم المجتمعي، وترسيخ صورة الإسلام كدين رحمة وذوق وجمال، بعيدًا عن الممارسات التي قد تسيء إلى جوهره دون قصد.

تم نسخ الرابط