سرقة الكهرباء على المحك.. تعديل قانون الكهرباء والسداد قبل العقاب الجنائي
عاد ملف سرقة التيار الكهربائي إلى صدارة النقاش العام، مع طرح مشروع تعديل قانون الكهرباء، في خطوة اعتبرتها الحكومة ضرورة حتمية لمواجهة نزيف الخسائر وضمان العدالة بين المواطنين.
وفي هذا السياق، كشف المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، عن الفلسفة الحاكمة للتعديلات المقترحة، مؤكدًا أن الهدف الأساسي لا يقتصر على تغليظ العقوبات الجنائية، بقدر ما يركز على دفع المواطنين للالتزام بسداد قيمة استهلاكهم الفعلي للكهرباء.
مبدأ دستوري: الجريمة واحدة والعقوبة يجب أن تكون واحدة
أكد وزير الشؤون النيابية أن مشروع تعديل قانون الكهرباء ينطلق من قاعدة دستورية واضحة، قوامها المساواة أمام القانون دون تمييز، مشددًا على أن الاستيلاء على التيار الكهربائي يُعد جريمة مكتملة الأركان، سواء ارتكبها مواطن عادي أو موظف في قطاع الكهرباء أو أي شخص سهل لغيره هذا الفعل.
وأوضح أن التعديلات تستهدف تغليظ العقوبات الجنائية على كل من يسرق التيار الكهربائي أو يسهم في تسهيل سرقته، معتبرًا أن القانون لا يميز بين فاعل وآخر، طالما تحقق الفعل ذاته، وهو الاستيلاء غير المشروع على مرفق عام تدفع الدولة مليارات الجنيهات لتشغيله وصيانته.
فاقد الكهرباء.. أرقام صادمة
وخلال مداخلة هاتفية ببرنامج "الصورة"، الذي تقدمه الإعلامية لميس الحديدي على شاشة قناة النهار، كشف فوزي عن أرقام وصفها بـ"المقلقة"، تتعلق بنسبة الفاقد من الكهرباء، مشيرًا إلى أن إجمالي الفاقد يصل إلى نحو 20% من إجمالي الإنتاج.
وأوضح أن ما يقرب من 10% من هذا الفاقد يُعد فاقدًا طبيعيًا ناتجًا عن عمليات النقل والتشغيل، بينما تمثل الـ10% الأخرى فاقدًا غير مشروع سببه الرئيسي سرقة التيار الكهربائي، ما يعني عمليًا أن شريحة من المستهلكين تحصل على الخدمة دون أن تتحمل أي تكلفة، وهو ما يشكل عبئًا مباشرًا على الدولة والمواطنين الملتزمين بالسداد.
استثمارات ضخمة وبنية تحتية تبعث على الفخر
سلط وزير الشؤون النيابية الضوء على الجهود التي بذلتها الدولة المصرية خلال العقد الأخير لتطوير قطاع الكهرباء، مشيرًا إلى أن الحكومة أنفقت مبالغ ضخمة لتحديث البنية التحتية، وبناء محطات جديدة، وتحقيق طفرة نوعية جعلت قطاع الكهرباء من المرافق التي يُضرب بها المثل في الكفاءة وتغطية الخدمة لكافة أنحاء الجمهورية.
وأكد أن هذا الإنجاز لم يأتِ من فراغ، بل جاء نتيجة استثمارات عامة هائلة، وهو ما يستوجب الحفاظ عليه، وعدم السماح بإهدار موارده عبر ممارسات غير قانونية تقوض استدامته.
من يتحمل ثمن الكهرباء المسروقة؟
طرح فوزي سؤالًا جوهريًا في قلب الأزمة، مفاده: من يدفع ثمن الكهرباء التي يتم استهلاكها دون سداد؟ موضحًا أن الإجابة تنحصر في خيارين لا ثالث لهما: إما أن تتحمل الدولة التكلفة، أو يتحملها المواطن الملتزم بسداد فواتيره.
وأضاف أن كلا الخيارين غير مقبولين، لأن العدالة تقتضي أن يسدد كل من استفاد من خدمة عامة ثمنها الحقيقي، دون تحميل الآخرين أعباء إضافية، أو استنزاف موارد الدولة.
فلسفة التعديل: الالتزام أولًا قبل العقاب
وشدد وزير الشؤون النيابية على أن مشروع تعديل قانون الكهرباء لا يقوم على منطق العقاب الجنائي وحده، بل يتبنى فلسفة أكثر مرونة تهدف إلى تقويم السلوك قبل الزج بالمواطنين في أروقة المحاكم.
وأوضح أن التعديلات تتيح للمخالفين فرصة التصالح وسداد مقابل مالي محسوب وفقًا لقيمة الاستهلاك الفعلي، بدلًا من التعرض لحكم جنائي، مشيرًا إلى أن قيمة التصالح تختلف باختلاف توقيته، سواء قبل إقامة الدعوى، أو بعدها، أو حتى بعد صدور الحكم.