عيار 21 الآن.. الذهب يلتقط أنفاسه وسط سطوة الدولار وجموح الفضة التاريخي
شهدت أسعار الذهب حالة من التراجع الطفيف والهدوء الذي يسبق العاصفة، حيث وجد المعدن الأصفر نفسه محاصراً بين مطرقة الإشارات التيسيرية الصادرة عن مجلس الاحتياطي الفيدرالي وسندان القوة المتنامية للدولار الأمريكي، الذي استمد زخمه من حالة الترقب الشديد لصدور بيانات التضخم الرئيسية التي ستشكل ملامح السياسة النقدية العالمية في المرحلة المقبلة.
تراجع أسعار الذهب
وفي ظل هذا المشهد المعقد، انخفضت أسعار الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.30% لتستقر عند مستوى 4,328.22 دولاراً للأونصة، في أعقاب رحلة صعود قوية تجاوزت 1% في وقت سابق، مما يعكس حالة من جني الأرباح السريعة وإعادة تموضع المحافظ الاستثمارية قبل صدور مؤشر أسعار المستهلكين.
وفي الوقت الذي كان فيه الذهب يبحث عن موطئ قدم وسط تقلبات العملة الخضراء، استطاعت الفضة أن تسرق الأضواء بجموح استثنائي، حيث حامت أسعارها قرب مستويات قياسية غير مسبوقة مسجلةً 66.36 دولاراً للأونصة، لتتوج رحلة صعود مذهلة بلغت 130% منذ مطلع العام، وهو أداء لم يتفوق فقط على الذهب الذي ارتفع بنسبة 65%، بل أعاد صياغة التوقعات المستقبلية التي باتت تراهن على ملامسة حاجز 70 دولاراً في العام القادم، مدفوعةً بتضافر فريد بين الطلب الصناعي المتزايد وتآكل المخزونات العالمية، جنباً إلى جنب مع شهية استثمارية مفتوحة لا تخطئها العين.
وعلى الضفة الأخرى من المشهد، جاءت تصريحات كريستوفر والر، محافظ الاحتياطي الفيدرالي، بمثابة بلسم للأسواق، حيث أكد على مرونة البنك المركزي وقدرته على مواصلة دورة خفض أسعار الفائدة في ظل المؤشرات المقلقة القادمة من سوق العمل، والتي أظهرت ارتفاع معدل البطالة إلى 4.6%، وهو ما عزز القناعة بأن الأصول التي لا تدر عائداً، كالذهب والفضة، ستظل الخيار الاستراتيجي الأبرز في بيئة تتسم بأسعار فائدة منخفضة.
ولم يقتصر الزخم على "المعدنين الأخوين"، بل امتد ليشمل البلاتين الذي قفز إلى أعلى مستوياته في 17 عاماً، والبلاديوم الذي بلغ ذروته في ثلاث سنوات، في إشارة واضحة إلى أن المعادن الثمينة باتت الملاذ والرهان في آنٍ واحد، بانتظار كلمة الفصل التي ستقولها بيانات التضخم ونفقات الاستهلاك الشخصي، والتي ستحدد ما إذا كان هذا التراجع الحالي مجرد استراحة محارب أم بداية لمرحلة جديدة من إعادة تقييم الأصول العالمية.