مفتي الجمهورية: التصوف الصحيح درب الروح وحصن الفكر
أكد فضيلة الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن التصوف الصحيح يمثل مسلكًا روحيًا أصيلًا في الإسلام، يقوم على التزكية والارتقاء الأخلاقي، ويستند إلى القرآن الكريم والسنة النبوية ومنهج سلف الأمة.
وأضاف أن هذا المسلك الروحي كان ولا يزال أحد أهم روافد التوازن الفكري والروحي في حياة المسلمين، ويسهم في مواجهة الفكر المنحرف والشبهات الموجهة ضد الدين.
جاء ذلك خلال مشاركة فضيلته في الاحتفال الختامي للبيت المحمدي بالذكرى الثامنة والعشرين لفضيلة الإمام الرائد الشيخ محمد زكي إبراهيم، تحت عنوان "التصوف بين أدعيائه وأعدائه"، حيث رحب مفتي الجمهورية بالحضور معبرًا عن تقديره لأهمية هذه اللقاءات العلمية والفكرية التي تصحح المفاهيم وتصوب الرؤى، خاصة عند الحديث عن التصوف الإسلامي.
التصوف مسار روحي طويل الأمد
أوضح مفتي الجمهورية أن التصوف ليس ظاهرة طارئة على المجتمع الإسلامي، بل هو امتداد لتاريخ طويل من الحياة الروحية التي تهدف إلى التخلية من المعاصي والتحلية بالفضائل، وصولًا إلى المعراج الروحي والمقام الأعلى واستشهد بحديث النبي صلى الله عليه وسلم في تعريف الإحسان: "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك"، مؤكدًا أن الحديث عن التصوف يزداد عمقًا وجمالًا حين يقترن بشخصيات مؤثرة مثل الشيخ محمد زكي إبراهيم، الذي كان نموذجًا للتصوف المنضبط القائم على المراجعة والنقد الذاتي لأحوال الصوفية وعلومهم، بما يدحض الشبهات والافتراءات الموجهة لهذا المسلك.
وأشار فضيلته إلى أن الشيخ محمد زكي إبراهيم تمكن من التفرقة بين التصوف كعلم ومسلك شرعي، وبين السلوك الصوفي كتنفيذ عملي فالناس في هذا الباب ينقسمون إلى فئتين: الأولى تسعى بالتصوف للارتقاء الروحي وطلب مرضاة الله، والثانية تزيا بمظهر الصوفي طلبًا للمنافع الدنيوية أو الجاه أو المنصب، مشددًا على أن التصوف الحق هو المتبع للكتاب والسنة ومقيد بهما.
تصحيح المفاهيم وتجديد القيم الروحية
وأشار مفتي الجمهورية إلى قاعدة وضعتها أئمة التصوف تقول: "علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة، فإذا رأيتم الرجل يطير في الهواء أو يمشي على الماء ثم يخالف أصلًا أو يعارض نصًا، فليس بصوفي"، مؤكدًا أن هذه الاحتفالية لها دور كبير في سد الفجوة الروحية التي يعاني منها العالم المعاصر، في ظل طغيان النزعة المادية وتصاعد الصراعات الفكرية وانتشار الأفكار الإلحادية والمعتقدات الشاذة.
وأضاف أن الأمة اليوم في أمس الحاجة إلى إعلاء القيم الروحية والمثل المعنوية المستندة إلى الوحي المعصوم قرآنًا وسنة، بما يحقق التوازن بين العقل والنقل، وبين الروح والجسد.
كما شدد على أن التصوف الصحيح يمثل وسيلة فعالة لإعادة ترتيب الأولويات الروحية والأخلاقية في المجتمعات، وتعزيز السلام الداخلي للفرد والجماعة.