رئيس مجلس الإدارة
رضا سالم
رئيس التحرير
نصر نعيم

“نارنيا” في قلب إيران.. تفاصيل أخطر حملة اغتيالات وضربات نووية بإشراف أميركي إسرائيلي

أسرار جديدة فى الحرب
أسرار جديدة فى الحرب الإسرائيلية الإيرانية

حرب الظل خرجت إلى العلن، وأسرار سنوات من العمل الاستخباراتي تكشّفت دفعة واحدة.

تحقيقات صحافية مشتركة كشفت ملامح واحدة من أخطر العمليات العسكرية والاستخباراتية التي استهدفت إيران منذ عقود، حيث نفذت إسرائيل، بدعم أميركي مباشر وغير مباشر، حملة متعددة المستويات لضرب جوهر البرنامج النووي الإيراني. 

حملة حملت اسم “الأسد الصاعد”، وتصدّرتها عملية نوعية عُرفت بـ“نارنيا”، ركزت على اغتيال العقول العلمية، وضرب منشآت التخصيب، وتحييد الدفاعات الجوية، في محاولة لإعادة البرنامج النووي الإيراني سنوات طويلة إلى الوراء.

استعدادات الحرب.. عملاء على الأرض وطائرات في الجو

تحضيرات واسعة سبقت الهجوم، بحسب ما كشفته صحيفة واشنطن بوست. عشرات العملاء المدربين لصالح إسرائيل انتشروا داخل الأراضي الإيرانية، مجهزين بأسلحة وتقنيات متطورة. 

في الوقت ذاته، وضع سلاح الجو الإسرائيلي طياريه في حالة تأهب قصوى بانتظار ساعة الصفر، مع خطط جاهزة لاستهداف البنية التحتية النووية، ومنصات الصواريخ الباليستية، ومنظومات الدفاع الجوي.

توافق أميركي إسرائيلي تشكّل بعد نقاشات طويلة حول مدى اقتراب إيران من امتلاك سلاح نووي، بالتوازي مع تحركات دبلوماسية وُصفت بالمضللة، هدفت إلى إبعاد الشبهات عن الهجوم الوشيك وإبقاء طهران في حالة غفلة.

استهداف العقل المدبر للبرنامج النووي

قناعة أمنية إسرائيلية تشكّلت مفادها أن ضرب المنشآت وحده لن يكون كافياً، الضرر الحقيقي، وفق التقديرات، يمر عبر تصفية جيل كامل من العلماء والمهندسين والفيزيائيين الذين يُعتقد أنهم يعملون على تحويل المواد النووية الانشطارية إلى قنبلة ذرية.

بناء على ذلك، أعدّت الاستخبارات الإسرائيلية قائمة أولية تضم نحو 100 عالم نووي إيراني، جرى تقليصها لاحقاً إلى 12 هدفاً رئيسياً. 

ملفات دقيقة جُمعت عن تحركاتهم، أماكن سكنهم، وأنماط حياتهم، استناداً إلى عقود من الرصد والعمل السري.

فجر 13 يونيو.. انطلاق عملية نارنيا

الساعة 3:21 فجراً من يوم 13 يونيو شكّلت نقطة التحول. في الدقائق الأولى من حرب استمرت 12 يوماً، 

بدأت الضربات الإسرائيلية تستهدف مباني سكنية في طهران، محمد مهدي طهرانجي، الفيزيائي النظري وخبير المتفجرات الخاضع لعقوبات أميركية، قُتل داخل شقته في “مجمع الأساتذة”. 

بعد ساعتين فقط، لقي فريدون عباسي، الرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية، المصير ذاته في ضربة منفصلة.

خلال أيام قليلة، اغتالت إسرائيل 11 عالماً نووياً إيرانياً بارزاً، في عملية غير مسبوقة من حيث الجرأة والعلنية، أنهت مرحلة “الإنكار” التي طبعت الاغتيالات السابقة.

زلزال إقليمي وانهيار المسار الدبلوماسي

الهجمات الإسرائيلية، المدعومة أميركياً، هزّت الشرق الأوسط وأشعلت رغبة إيرانية بالانتقام. في الوقت نفسه، أطاحت ولو مرحلياً بأي فرصة للتوصل إلى اتفاق دبلوماسي يقيّد البرنامج النووي الإيراني ويضعه تحت رقابة دولية مشددة.

تحقيق واشنطن بوست بالتعاون مع برنامج فرونت لاين استند إلى مقابلات مع مسؤولين حاليين وسابقين من إسرائيل وإيران ودول عربية والولايات المتحدة، كشفوا تفاصيل غير مسبوقة عن التخطيط والتقييمات الاستخباراتية التي سبقت الهجوم.

تعقيدات نووية وخلافات استخباراتية

توافق أميركي إسرائيلي ساد على أن إيران كانت تسير باتجاه امتلاك سلاح نووي، لكن الخلاف تمحور حول السرعة والنية السياسية. 

منذ عام 2023، جمعت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية معلومات عن نشاط وحدة “سبند” التابعة لوزارة الدفاع الإيرانية، التي كانت تستكشف تسريع تصنيع سلاح نووي في حال تراجع المرشد الإيراني عن فتواه الصادرة عام 2003.

تقديرات أميركية تحدثت عن إمكانية إنتاج جهاز نووي بدائي خلال ستة أشهر، باستخدام اليورانيوم المخصب المتاح، رغم عدم القدرة على اختباره أو تحميله على صاروخ باليستي.

في المقابل، اعتُبرت القنابل الاندماجية خارج قدرات إيران الحالية.

دبلوماسية كغطاء وقرار الحسم

قبل العملية، عرض بنيامين نتنياهو على الرئيس الأميركي دونالد ترامب أربعة سيناريوهات للهجوم، تراوحت بين ضربة إسرائيلية منفردة وقيادة أميركية كاملة. 

ورغم منح الدبلوماسية فرصة شكلية، استمرت التحضيرات العسكرية والاستخباراتية بلا توقف.

انتهت المهلة الأميركية لإيران في 12 يونيو، وفي اليوم ذاته صدر توبيخ نادر من الوكالة الدولية للطاقة الذرية لطهران. 

ما بدا محادثات وتباينات إعلامية بين واشنطن وتل أبيب، تبيّن لاحقاً أنه جزء من عملية تضليل مدروسة.

نتائج الضربات ومستقبل البرنامج النووي

تقييمات أميركية وإسرائيلية، مدعومة بتقارير الوكالة الدولية، تشير إلى أن الضرر الذي لحق بالبرنامج النووي الإيراني كان كبيراً جداً، وأعاد البرنامج سنوات إلى الوراء، رغم احتفاظ إيران بمخزون كبير من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%.

المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل جروسي، أكد أن حجم الأضرار واسع، لكن غياب الوصول الميداني يمنع تقييماً نهائياً.

في المقابل، شددت إيران على أن المعرفة النووية لا يمكن تدميرها، وأن البرنامج سيبقى قائماً مهما كانت الضربات.

تم نسخ الرابط