ميلوني: استراتيجية ترامب للأمن القومي جرس إنذار لأوروبا ودعم أوكرانيا خيار سيادي إيطالي
مواقف سياسية لافتة صدرت عن روما أعادت فتح النقاش الأوروبي حول الأمن والدفاع والتحالفات الدولية.
رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني رأت أن الاستراتيجية الجديدة للأمن القومي الأميركي تمثل لحظة وعي حاسمة للقارة الأوروبية، في وقت شددت فيه على ثبات موقف بلادها الداعم لأوكرانيا، ونفت وجود تصدعات داخل حكومتها.
ميلوني تؤكد استقلال القرار الإيطالي
تصريحات مباشرة أطلقتها جورجا ميلوني خلال فعالية حزبية في العاصمة روما، الموقف شدد على تمسك إيطاليا بشراكاتها الدولية دون الوقوع في دائرة التبعية.
ميلوني أكدت أن روما تريد الحفاظ على وفائها لحلفائها، لكن دون الخضوع لأي طرف، معتبرة أن السياسة الخارجية يجب أن تنطلق أولاً من المصلحة الوطنية والأمن القومي.
دعم أوكرانيا، بحسب ميلوني، لم يكن خطوة عاطفية أو استجابة لضغوط خارجية، بل قرار استراتيجي اتخذته إيطاليا منذ اليوم الأول للأزمة.
هذا الدعم، كما أوضحت، يستند إلى شعور بالعدالة، لكنه قبل كل شيء يعكس حرصاً على حماية الأمن الإيطالي والمصالح الوطنية طويلة المدى.
استراتيجية ترامب ورسالة الانسحاب الأميركي
قراءة ميلوني للاستراتيجية الأميركية الجديدة حملت دلالات عميقة.
الاستراتيجية، التي أثارت قلقاً واسعاً بين القادة الأوروبيين، تعكس في نظرها توجهاً واضحاً لدى واشنطن لتقليص انخراطها في القارة الأوروبية.
الرسالة الأساسية، وفق تقييمها، تتمثل في دعوة غير مباشرة لأوروبا كي تتحمل مسؤولية أمنها بنفسها.
ميلوني لفتت إلى أن أوروبا اعتمدت لعقود طويلة على الولايات المتحدة في ملف الأمن والدفاع، معتبرة أن هذا الاعتماد استمر لما يقارب ثمانين عاماً.
الخطأ الأكبر، بحسب توصيفها، تمثل في الاعتقاد بأن هذا التفويض كان مجانياً ودائماً، دون حساب لتغير موازين القوى أو التحولات السياسية داخل واشنطن.
الهجرة ومراكز الترحيل في ألبانيا
ثقة حكومية واضحة عبّرت عنها ميلوني تجاه مشروع مراكز ترحيل المهاجرين في ألبانيا، رغم العقبات القانونية والانتقادات الحقوقية.
رئيسة الوزراء شددت على أن المشروع يسير كما خُطط له، مؤكدة أن هذه المراكز ستدخل حيز العمل وفق الرؤية التي أعلنتها حكومتها سابقاً.
ملف الهجرة شكّل محوراً أساسياً في خطاب ميلوني، حيث أشارت إلى توافق متزايد داخل الاتحاد الأوروبي على تبني سياسات أكثر تشدداً.
الاتفاق الأخير في بروكسل، بحسب قولها، عكس توجهاً أوروبياً نحو تشديد الضغط على طالبي اللجوء المرفوضين، وتسريع عمليات الترحيل بشكل أكثر فاعلية.
تحول جذري في الرؤية الأميركية
استراتيجية الأمن القومي التي نشرها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الخامس من ديسمبر حملت ملامح تحول عميق في السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
الوثيقة أعادت توجيه بوصلة القوة الأميركية من الساحة العالمية الواسعة إلى المحيط الإقليمي المباشر، مع وضع ملف الهجرة الجماعية في صدارة الأولويات.
الاستراتيجية رسمت صورة قاتمة لأوروبا، ووصفتها بقارة تعاني تراجعاً اقتصادياً وأزمات أعمق تمس هويتها السياسية والثقافية.
كما اعتبرت أن سياسات الاتحاد الأوروبي تقوض السيادة الوطنية وتحد من حرية التعبير، مع تحذير من تغييرات ديموجرافية قد تقود، وفق الوثيقة، إلى محو حضاري خلال عقود قليلة إذا استمرت الاتجاهات الحالية.
أوروبا بين التحذير وإعادة التموضع
الوثيقة الأميركية ألمحت أيضاً إلى ضرورة زرع المقاومة داخل أوروبا ضد المسار الراهن، مع إشارات إلى دعم محتمل للأحزاب القومية اليمينية.
هذه الرسائل وضعت القارة أمام اختبار صعب، بين التمسك بالنموذج الحالي أو إعادة صياغة دورها الأمني والسياسي عالمياً.



