تصعيد بالمسيرات في كردفان: الدعم السريع يوسع هجماته وكادوقلي تحت النار
وتيرة تصعيد متسارعة تشهدها ولايات كردفان وسط السودان، مع تجدد الهجمات الجوية لقوات الدعم السريع لليوم الثاني على التوالي، في مشهد يعكس انتقال الصراع إلى مرحلة أكثر تعقيداً.
مدينة كادوقلي باتت في قلب الاستهداف، وسط أوضاع إنسانية خانقة وتحذيرات دولية متصاعدة.
هجوم جديد على كادوقلي وحالة ذعر واسعة
غارات متكررة نفذتها قوات الدعم السريع باستخدام طائرات مسيّرة استهدفت مدينة كادوقلي، عاصمة ولاية جنوب كردفان.
مصادر ميدانية أكدت أن الضربات تركزت على الأحياء الشرقية للمدينة، ما أدى إلى حالة من الذعر والهلع بين السكان، في ظل ضعف الإمكانات الطبية وغياب وسائل الاتصال.
المدينة تعيش، وفق المصادر ذاتها، ظروفاً معيشية بالغة القسوة نتيجة الحصار المفروض منذ فترة، حيث انقطعت الاتصالات بشكل شبه كامل، واختفت السيولة النقدية من الأسواق.
أزمة السيولة وصلت إلى مستويات غير مسبوقة، مع خصم يناهز 50% من قيمة التحويلات المالية مقابل الحصول على النقد، ما فاقم معاناة الأهالي.
شمال كردفان تحت الاستهداف المستمر
تصعيد متزامن شهدته ولاية شمال كردفان، حيث كثفت قوات الدعم السريع عملياتها على طريق أم روابة الرهد الأبيض.
الطريق الحيوي الذي يربط مدينة الأبيض، عاصمة الولاية، بولاية النيل الأبيض، تعرض لغارات متكررة، في محاولة واضحة لتعطيل الحركة التجارية.
هجوم صباحي استهدف شاحنة تجارية قرب مدينة الرهد، ضمن عمليات متواصلة لليوم الخامس على التوالي على امتداد الطريق.
الجيش السوداني يفرض سيطرته على هذا المحور منذ فبراير الماضي، بعد فك الحصار عن مدينة الأبيض وإجبار قوات الدعم السريع على التراجع من مناطق جنوب شرق الولاية.
أهداف اقتصادية وعسكرية للهجمات
محاولات منظمة تقف خلف استهداف الطريق التجاري، بحسب مراقبين، إذ تسعى قوات الدعم السريع إلى وقف حركة الشاحنات وإعاقة تدفق السلع والبضائع إلى مدينة الأبيض.
الضغط الاقتصادي يشكل أحد أوجه المعركة، عبر خنق المدن الخاضعة لسيطرة الجيش وحرمانها من الإمدادات الأساسية.
قصف مقر أممي وإدانة دولية
تطور خطير تمثل في استهداف طائرة مسيّرة أحد مقار بعثة الأمم المتحدة في كادوقلي.
الهجوم أسفر عن مقتل 6 من عناصر القوات البنجلاديشية العاملة ضمن البعثة، ما دفع الأمم المتحدة إلى إجلاء الضحايا عبر مروحية بالتنسيق مع الجيش السوداني.
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش شجب الهجوم بشدة، واصفاً إياه بـ"المروع"، مجدداً دعوته لجميع أطراف النزاع في السودان إلى وقف فوري للأعمال الحربية.
كردفان.. ساحة الصراع القادمة
تمدد استراتيجي لقوات الدعم السريع شهدته مناطق شرق إقليم كردفان الغني بالنفط، والمقسم إلى ثلاث ولايات، عقب سيطرتها أواخر أكتوبر الماضي على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور.
إقليم كردفان يتمتع بأهمية جغرافية واقتصادية كبرى، نظراً لاعتماده على الزراعة وتربية الماشية، فضلاً عن كونه حلقة وصل لوجستية بين مناطق سيطرة الجيش شمالاً وشرقاً ووسطاً ودارفور.
الانتشار العسكري الواسع شمل مقاتلين وطائرات مسيّرة وميليشيات متحالفة مع الدعم السريع، في إطار معركة مفتوحة منذ أبريل 2023.
قراءة تحليلية للمشهد
محللون اعتبروا أن تركيز الدعم السريع على كردفان يهدف إلى كسر القوس الدفاعي الأخير للجيش حول وسط السودان.
رهان استراتيجي يسعى، بحسب التقديرات، إلى فتح الطريق مجدداً نحو العاصمة الخرطوم ومدن كبرى أخرى، في واحدة من أكثر مراحل الصراع السوداني حساسية.



