رئيس مجلس الإدارة
رضا سالم
رئيس التحرير
نصر نعيم

ليست قلة شرب الماء وحدها.. طبيب يكشف الأسباب الحقيقية وراء حصوات الكلى

مشكلات أمراض الكلي
مشكلات أمراض الكلي

يسود اعتقاد شائع بأن حصوات الكلى تتكوّن أساسًا نتيجة عدم شرب كميات كافية من الماء، غير أن هذا الفهم المبسّط لا يعكس الصورة الكاملة. 

ففي مقطع فيديو حديث نشره على حسابه عبر "إنستجرام"، أوضح الدكتور أرجون سابهاروال، أخصائي أمراض الكلى، أن قلة الماء تلعب دورًا مهمًا، لكنها ليست العامل الوحيد ولا الأبرز وراء تكوّن الحصوات.

وقال سابهاروال إن حصوات الكلى تتشكل نتيجة "مزيج معقّد من العوامل الأيضية، والغذائية، والوراثية، والطبية"، وهو ما أثبتته دراسات موسعة نشرت في مجلات علمية مرموقة 

أسباب شائعة تتجاوز الجفاف

وفقًا للطبيب، فإن تكوّن الحصوات يرتبط بمجموعة من الاضطرابات والتأثيرات التي تتفاعل فيما بينها، أبرزها:

ارتفاع مستوى الكالسيوم في البول فرط كالسيوم البول

ارتفاع مستوى الأوكسالات الناتج عن الغذاء أو الامتصاص المعوي

انخفاض سترات البول، وهو عامل حماية طبيعي ضد الحصوات

ارتفاع حمض اليوريك، والمتعلق غالبًا باللحوم الحمراء والنقرس

الإفراط في تناول الملح والبروتين الحيواني

انخفاض الكالسيوم الغذائي

تناول أطعمة غنية بالأوكسالات مثل السبانخ والمكسرات والشوكولاتة

الإسراف في مكملات فيتامين "سي"

السمنة والسكري والنقرس واضطرابات الغدة الدرقية والأمعاء

التهابات المسالك البولية المتكررة

التاريخ العائلي والمخاطر الوراثية

بعض الأدوية طويلة الأمد مثل مدرات البول وأدوية الصداع النصفي ومضادات الحموضة المحتوية على الكالسيوم

ويؤكد سابهاروال أن انخفاض شرب الماء يزيد من خطر الإصابة، لكنه لا يُفسّر تكرار ظهور الحصوات، موضحًا أن التشخيص الكامل يتطلب غالبًا فحص بول على مدار 24 ساعة للكشف عن السبب الحقيقي.

مضاعفات حصوات الكلى ألم حاد وأسباب معقدة

تسبب الحصوات آلامًا شديدة في الخاصرة والظهر، وقد تصاحبها أعراض أخرى مثل دم في البول وغثيان، نتيجة عرقلة تدفق البول. ورغم أن كثيرين يحمّلون قلة الماء كامل المسؤولية، يشير الطبيب إلى أن الأسباب الفعلية غالبًا تشمل اضطرابات أيضية معقدة تتطلب تقييمًا متخصصًا.

فرط كالسيوم البول السبب الأكثر انتشارًا

يعد ارتفاع الكالسيوم في البول أحد أكثر الأسباب شيوعًا، إذ يصيب ما بين 30 و60% من المرضى. 

يحدث ذلك عندما تسرب الكلى كميات زائدة من الكالسيوم أو يمتص الجسم كمية كبيرة منه من الغذاء، ما يؤدي إلى تكوّن بلورات أكسالات أو فوسفات الكالسيوم. 

وتؤكد دراسات عدة أن هذه الحالة قد تتسبب في تشبع البول بالمعادن حتى في حال شرب كميات كافية من الماء.

ويُشخص هذا الاضطراب عبر فحص البول على مدار يوم كامل، ويمكن علاجه بأدوية مثل الثيازيدات التي تخفف إفراز الكالسيوم.

الأوكسالات مصدر غذائي ومعوي

يرتفع مستوى الأوكسالات في البول نتيجة تناول أطعمة مثل السبانخ والمكسرات والشوكولاتة، أو بسبب الإسراف في مكملات فيتامين سي. 

تتفاعل الأوكسالات مع الكالسيوم لتكوين حصوات أكسالات الكالسيوم، وهي الأكثر شيوعًا.

كما تلعب اضطرابات الأمعاء دورًا مهمًا، إذ يؤدي نقص بكتيريا Oxalobacter formigenes إلى زيادة امتصاص الأوكسالات بنسبة قد تصل إلى 50%. حتى من يتناولون غذاءً طبيعيًا قد يصابون بارتفاع الأوكسالات إذا انخفض الكالسيوم الغذائي أو انخفض حجم البول.

ويكون العلاج عبر تقليل الأطعمة الغنية بالأوكسالات وزيادة الكالسيوم الغذائي (وليس المكملات).

انخفاض السترات غياب "الدرع الواقي"

يعد السترات خط الدفاع الطبيعي ضد حصوات الكلى، إذ يرتبط بالكالسيوم ويزيد قلوية البول لتفتيت البلورات. ويُلاحظ انخفاض السترات لدى 20–60% من المرضى، بسبب الإسهال المزمن، أو ارتفاع البروتين الحيواني، أو نقص البوتاسيوم، أو العدوى، دون هذا "الحاجز الطبيعي"، تتشكل الحصوات بسرعة أكبر.

حمض اليوريك تأثير اللحوم الحمراء والتمثيل الغذائي

يُسبب ارتفاع حمض اليوريك حصوات في 5–10% من الحالات، ويرتبط غالبًا بالإفراط في تناول اللحوم الحمراء والمأكولات البحرية أو بالإصابة بالنقرس. كما تزيد مقاومة الإنسولين والسمنة من احتمالية تكوّن هذه الحصوات.

وتُشير مراجعات NEJM إلى أن الأنظمة الغذائية الغنية بالبيورينات قد تضاعف خطر الإصابة بمقدار 2–3 مرات.

الملح، نقص الكالسيوم، وفخاخ غذائية أخرى

الإفراط في الملح يدفع الكلى إلى إفراز المزيد من الكالسيوم في البول، ما يزيد من خطر تكوّن الحصوات. كما يؤدي انخفاض الكالسيوم الغذائي إلى زيادة امتصاص الأوكسالات في الأمعاء، وهو عامل رئيسي في تكوّن الحصوات أحادية الجانب.

وينصح الخبراء بتناول 1000–1200 ملغ من الكالسيوم يوميًا من الطعام وليس من المكملات، لأن فيتامين سي الزائد يتحول إلى أوكسالات.

العوامل الطبية والوراثية دور لا يمكن تجاهله

تجعل بعض الحالات الطبية – مثل السمنة، والسكري، والنقرس، واضطرابات الغدة الدرقية، والتهابات المسالك البولية – الجسم أكثر عرضة لتكوين الحصوات.
كما تلعب الوراثة دورا مهم؛ فوجود تاريخ عائلي يزيد المخاطر بمقدار يصل إلى 2.5 مرة.
وتسهم بعض الأدوية ومنها مدرات البول، وأدوية الشقيقة، ومضادات الحموضة المحتوية على الكالسيوم في رفع الاستعداد لتكوّن الحصوات.

يشدد الدكتور سابهاروال على أن حصوات الكلى ليست مجرد نتيجة لقلة شرب الماء، بل هي مشكلة متعددة الأسباب تتطلب تقييمًا شاملًا. 

وإذا كانت الحصوات تتكرر، فإن الحل لا يكمن في زيادة كمية الماء فحسب، بل في تشخيص نوع الحصوة وعلاج السبب الجذري عبر فحوص دقيقة وإشراف متخصص

تم نسخ الرابط