في عيد ميلاد شريهان.. محطات لأيقونة العودة المستحيلة
في عالمٍ تتبدّل فيه الأضواء سريعاً وتذبل الأسماء مع مرور الزمن، تبقى شريهان حالة استثنائية لا تخضع لقوانين النجومية التقليدية، فالفنانة التي غابت أكثر من خمسة عشر عاماً عن الشاشة، تعود في لحظة واحدة لتصبح حديث مصر والعالم العربي، وكأنها لم تغب يوماً.
هذه العودة في كل مرة لا تصنف كمجرد ظهور فني، بل تكون إعادة ميلاد إنسانية وفنية لامرأة واجهت ما يكفي لتهزم أجيالاً كاملة، لكنها اختارت أن تنهض من بين الألم كأيقونة من نور.
طفولة تفتح أبواب القسوة
ولدت شريهان في بيئة عرفت مبكراً معنى الفقد، فتمسكت بالفن كطوق نجاةٍ من عالمٍ ضيق. لم تكن طفولتها وردية، لكنها كانت مدرسة صلّبت شخصيتها ومنحتها ما يشبه الحكمة المبكرة.
ومع خطواتها الأولى على المسرح، بدا واضحاً أنها تحمل شيئاً لا يملكه الآخرون؛ حضوراً يسبق الكلام، وكاريزما تولد قبل التدريب.
على قمة المجد ثم السقوط الذي كاد يكون نهائياً
حققت شريهان في الثمانينيات والتسعينيات مكانة فنية نادراً ما يبلغها أحد. أسست مدرسة كاملة في الاستعراض والفوازير، ووقفت على المسرح كأنها فوق خشبة خلقت لها وحدها. ثم جاءت الضربة الأولى: حادث السيارة الذي كاد ينهي مسيرتها، ويُنهي معها القدرة على الحركة نفسها.
سنوات طويلة من العمليات والألم والغياب لكنها لم تستسلم.
لم تكد تتعافى حتى واجهت محنتها الثانية السرطان.
تجربة قاسية لا تصمد أمامها روحٌ إلا إذا كانت مُخلصة للحياة، وهنا، تحوّلت شريهان من نجمة إلى رمز إنساني، قوة غير عادية، وإيمان لا يهتز، وصمت نادر جعلها أكثر حضوراً من كثيرين يتحدثون كل يوم.
الغياب الذي صَنَع الهالة
اختارت شريهان الغياب بنفس الشجاعة التي اختارت بها الظهور، لم تطارد الأضواء، ولم تبحث عن حضور مجاني، بل حافظت على هالتها بذكاء شديد، سنوات الغياب الطويلة لم تُنسِ الجمهور اسمها، بل زادت من عطشه لعودتها. ومع كل صورة نادرة، أو كلمة، كانت تُشعل وسائل التواصل وكأن الزمن توقف عند لحظة تألقها الأولى.
عودة قلبت موازين السوشيال ميديا
في 2021، حين ظهرت في إعلان واحد، لم يكن الأمر مجرد ظهور دعائي؛ كان حدثاً.
عادت بكلمات قليلة، وخطوات محسوبة، لكن بكاريزما لا تزال كما هي ربما أقوى.
عادت شريهان لتؤكد أن الأسطورة ليست تلك التي تبقى أمام الكاميرا طويلاً، بل تلك التي تعود عندما يظن الجميع أنها انتهت فتفتح الباب، وتُضيء المكان من جديد.