رئيس مجلس الإدارة
رضا سالم
رئيس التحرير
نصر نعيم

التجمع الخامس ينهار من الداخل.. هبوط النرجس يكشف مخاطر أكبر من الفجوة الظاهرة

هبوط النرجس
هبوط النرجس

في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، استيقظ سكان منطقة التجمع الخامس على مشهد لم يكن في الحسبان، فجوة عميقة ظهرت فجأة في أحد شوارع النرجس 5 فيلات لم يمر وقت طويل حتى علت أصوات التحذير، وانتشرت الصور ومقاطع الفيديو على مواقع التواصل، معلنة عن حالة طوارئ هندسية دفعت قوات الحماية المدنية إلى التحرك الفوري، وفرض حزام أمني عازل خشية امتداد الهبوط أو اقتراب المارة منه وبينما بدأت لجان الفحص في تقييم عمق المشكلة، عاد الحديث بقوة عن ظاهرة الهبوط الأرضي في المدن الجديدة، وأسبابها، ومدى خطورتها على السكان والمنشآت، والبنية التحتية.

أول المشهد.. كيف وقع هبوط النرجس؟

تحرك عاجل.. وكشف أولي للتسرب

وفق مصادر في جهاز مدينة القاهرة الجديدة، تبيّن أن الهبوط لم يكن حادثًا عابرًا إذ أظهرت المعاينات الأولية وجود تسرب مائي في أحد خطوط الشبكات الداخلية، أدى إلى تآكل بطيء ومتدرج في طبقات التربة، قبل أن تفقد تماسكها كليًا وتنهار داخل نطاق محدود، مخلفة حفرة واسعة أثارت ذعر السكان.

وعلى الفور، اتخذت فرق الطوارئ خطوة حاسمة بقطع المياه مؤقتًا عن أجزاء من منطقتي النرجس 5 و7 فيلات، وذلك لتثبيت الوضع الهندسي ومنع تفاقم التآكل. وسرعان ما نجحت الفرق الفنية في تحديد نقطة التسريب وإيقافها، تمهيدًا لبدء أعمال الردم والمعالجة وإعادة رفع كفاءة الطريق.

سلامة الأهالي.. أولوية أولى

رغم فزع سكان المنطقة، أكدت الأجهزة المعنية أن الحادث لم يسفر عن إصابات، وأن التلفيات المادية كانت شبه معدومة. لكن الجهات المختصة شددت على استمرار عمليات الفحص الهندسي، وعلى أن إعادة فتح الطريق لن تتم إلا بعد تنفيذ معالجة كاملة للهبوط وتحقيق معايير الأمان.

هبوط ميدان التجنيد بالحلمية.. القصة تتكرر

لم يمر الصيف الماضي دون تسجيل هبوط مشابه، إذ شهد ميدان التجنيد بحلمية الزيتون في يوليو الفائت انهيارًا أرضيًا أسفل كوبري التجنيد باتجاه المحكمة وكما حدث في التجمع، سارعت الأجهزة التنفيذية وقتها إلى فرض طوق أمني وإعادة توجيه الحركة المرورية، قبل أن تكشف التحقيقات أن السبب كان عطلًا في خط الصرف الصحي، أدى إلى تآكل التربة تحت الطريق.

من التجمع إلى الحلمية.. مؤشرات واحدة لمشكلة أعمق

الحادثتان معًا تعيدان طرح الأسئلة حول مدى متانة البنية التحتية، وجودة شبكات المياه والصرف، ومدى كفاءة عمليات الردم التي تتم بعد الحفر. كما تثيران نقاشًا أوسع حول طبيعة التربة في القاهرة الجديدة، وما إذا كانت تحتاج إلى منظومة متابعة هندسية مختلفة عن باقي المناطق الحضرية.

تحليل الظاهرة: لماذا تهبط الأرض؟

الهبوط الأرضي ليس ظاهرة محلية فقط، لكنه مشكلة عالمية تتقاطع فيها عوامل جيولوجية، وهندسية، وبيئية ويؤكد خبراء البنية التحتية أن الأسباب الأكثر شيوعًا في المدن المصرية تدور حول النقاط التالية:

1. تسربات المياه والصرف الصحي

تسرب بسيط من أحد الخطوط قد يؤدي خلال أسابيع أو أشهر إلى تآكل التربة أسفل الطريق، وتكوين فراغات لا يمكن اكتشافها بسهولة إلا بعد حدوث الهبوط.

2. ضعف طبقات الردم بعد أعمال الحفر

عندما لا تُجهَّز طبقات الردم بطريقة صحيحة، تظل عرضة للانضغاط المتدرج مع الزمن، ما يجعلها نقطة ضعف قد تتحول فجأة إلى هبوط.

3. طبيعة التربة في بعض المناطق

التربة الرملية أو الطينية، الشائعة في المدن الجديدة، تتفاعل بدرجة كبيرة مع المياه والرطوبة، ومع أي تغيير في منسوب المياه الجوفية.

4. ارتفاع منسوب المياه الجوفية

التغيرات المناخية، أو الظروف الإنشائية، أو التسربات الجوفية قد تؤدي إلى حركة التربة وفقدانها للتماسك.

5. الحمل الزائد على أراضٍ غير مدعمة

الأعمال الإنشائية الثقيلة على مساحات لم تُدرس جيولوجيًا بشكل كافٍ قد تخلق ضغطًا غير محسوب على طبقات التربة.

6. التجريف والأنشطة تحت السطح

أي عمليات حفر أو تجريف أو حتى اهتزازات ناتجة عن أنشطة صناعية قد تُضعف التربة على المدى الطويل.

7. الزلازل والاهتزازات الطبيعية والبشرية

ولو كانت خفيفة، فهي كفيلة بإحداث إجهاد إضافي على طبقات الأرض، خاصة إن كانت التربة مفككة أصلًا.

كيف يُدار الخطر؟ وما المطلوب في الفترة المقبلة؟

خطط عاجلة وأخرى طويلة المدى

يرى متخصصون أن الحل يبدأ من تشخيص دقيق للبنية التحتية، خاصة في المناطق التي أُنشئت قبل أكثر من عشر سنوات، وتعرضت لأعمال توسعة أو تعديلات لاحقة كما تتطلب الأزمة إجراءات وقائية تشمل:

مراجعة دورية لشبكات المياه والصرف.

إعادة فحص طبقات الردم في الطرق التي شهدت أعمال مدّ شبكات حديثة.

تطوير نظم الاستشعار المبكر للكشف عن الفراغات الأرضية.

دراسة جيولوجية مستمرة للتربة، خاصة في المدن الجديدة.

تعزيز المتابعة الميدانية قبل وبعد الأمطار.

 

تم نسخ الرابط