"الإفتاء" تحسم الجدل: لا معاشرة بعد الخلع دون عقد جديد
تأتى الأسئلة المتعلقة بعلاقة الزوجين بعد الطلاق، خاصة في حالات الخلع، إلى واجهة الجدل الاجتماعي والشرعي بين الحين والآخر وفي ظل تزايد الاستفسارات الواردة إلى المؤسسات الدينية، جاء سؤال من سيدة أجنبية حول علاقتها بزوجها المصري بعد أن طلقها خلعًا طلقة بائنة للمرة الأولى، ثم عادت لمعاشرته دون عقد زواج جديد، ليطرح أمام دار الإفتاء المصرية قضية حساسة تمس جوهر العلاقة الشرعية، وحدودها، وضوابطها، وأثر الطلاق البائن على استمرار الحقوق والواجبات الزوجية.
الفتوى.. موقف حاسم من «المعاشرة بعد الخلع»
الإفتاء: الخلع طلقة بائنة صغرى لا تجيز أي علاقة إلا بعقد جديد
دار الإفتاء المصرية أكدت في ردها أنّ طلاق الرجل لزوجته خلعًا يعد «طلاقًا بائنًا بينونة صغرى»، وهو ما يجعل المرأة أجنبية على الرجل عقب وقوعه مباشرة. وبالتالي لا يحل للرجل أن يعاشرها أو يقيم معها علاقة زوجية إلا إذا تم عقد زواج جديد مستوفٍ للأركان والشروط، وعلى مهر جديد، وبموافقتها ورضاها الكاملين.
المعاشرة قبل العقد الجديد: محرّمة شرعًا
الفتوى شددت على أن أي علاقة تحصل بين الطرفين قبل توثيق عقد زواج شرعي تُعد علاقة غير جائزة شرعًا، لأن المرأة بعد الخلع خرجت من نطاق الزوجية تمامًا، ولم تعد محلًا للمعاشرة. ولذلك فإن أي تقارب بدني يقع بينهما يعد محرمًا، ويتطلب التوبة والاستغفار والامتناع التام عن هذا السلوك حتى يتم عقد زواج صحيح.
ما هو الطلاق البائن؟.. الفتوى تشرح المفهوم وأنواعه
يعد الطلاق البائن أحد المفاهيم الأساسية في فقه الأسرة، وهو ما يقطع علاقة الزوجية على الفور دون إمكانية لعودة المطلقة إلا بشروط واضحة.
الطلاق البائن بينونة صغرى
كما يوضح الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء، فإن الطلاق البائن بينونة صغرى يشمل:
الطلقة الأولى أو الثانية التي تنتهي عدتها دون مراجعة الزوج.
أو الخلع الذي يقع بائنًا بمجرد صدوره.
وفي هذه الحالة لا تحل المرأة لزوجها إلا بعقد جديد ومهر جديد وإذنها.
الطلاق البائن بينونة كبرى
ويقع حين يطلق الرجل زوجته ثلاث طلقات، فلا تعود له إلا إذا تزوجت زوجًا آخر زواجًا صحيحًا، ثم انتهت تلك العلاقة بطلاق أو وفاة. وهذا النوع يفصل الحياة الزوجية بشكل كامل ولا يملك الزوج فيه أي سبيل للرجوع.
الطلاق الرجعي يتحول إلى بائن بانتهاء العدة
أوضحت دار الإفتاء أن الطلاق الرجعي الذي يكون للرجل خلاله حق إرجاع زوجته يتحول إلى طلاق بائن بمجرد انتهاء عدة المطلقة دون مراجعة.
أحكام العدة.. مفتاح تحويل الطلاق من رجعي إلى بائن
مدة العدة وفق حالة المرأة
أكدت دار الإفتاء أن عدة المطلقة تختلف باختلاف حالتها:
ثلاث حيضات إذا كانت من ذوات الحيض، وهو المعمول به في مصر.
ثلاثة أشهر إذا كانت آيسة من الحيض.
حتى تضع حملها إذا كانت حاملًا.
وبانتهاء العدة تصبح المطلقة بائنًا من زوجها ولا علاقة زوجية تربطهما.
أركان الطلاق البائن.. بناء فقهي يحدد صحة الانفصال
يعد الطلاق في الشريعة الإسلامية عملية لها أركان واضحة لا يقع الطلاق إلا بتحققها كاملة:
١- المُطلّق
ويشترط أن يكون الزوج هو المُصدر للطلاق، أو القاضي في حالات الضرر، كما يجوز التوكيل في الطلاق إذا اقتضت الحاجة.
٢- القصد
لا بد أن يقصد الزوج لفظ الطلاق، وأن يكون مختارًا غير مُكره، فالإرادة عنصر أساسي في وقوع الطلاق.
٣- الصيغة
وهي العبارة التي يعبّر بها الزوج عن الطلاق، ويمكن أن تكون لفظًا أو كتابة أو إشارة مفهومة.
٤- محل الطلاق
ويقصد بها الزوجة التي تربطها علاقة زوجية قائمة بالزوج عند لحظة الطلاق.
٥- الولاية على محل الطلاق
ويعني ألا يطلق الرجل امرأة ليست في عصمته أصلًا، فطلاق الأجنبية لغو لا أثر له.
لماذا يشدد الفقه على عدم جواز المعاشرة بعد الطلاق البائن؟
خروج المطلقة من إطار الزوجية بالكامل
الطلاق البائن يعني انفصالًا كاملًا، فلا نفقة ولا طاعة ولا إرث بين الزوجين، ولا تظل بينهما أي علاقة من حقوق الزوجية.
الحفاظ على قدسية العلاقة الزوجية
منع أي معاشرة خارج إطار العقد الشرعي يحمي المجتمع من الفوضى الأخلاقية وضياع الحقوق، ويضمن وضوح العلاقة وتشريعيتها.
احترام أحكام العدة
العدة ليست مجرد فترة انتظار، بل هي ضمانة فقهية لحفظ الأنساب وصيانة الحقوق، وبالتالي لا تكتمل آثار الطلاق إلا باتباعها.

