رئيس مجلس الإدارة
رضا سالم
رئيس التحرير
نصر نعيم

فتوى هزّت مصر.. مفتي سابق يكشف كواليس تحريم التدخين بعد 26 عامًا

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

قبل ستة وعشرين عامًا، خرجت دار الإفتاء المصرية بواحدة من أكثر الفتاوى تأثيرًا في الوعي العام، بعدما أعلن مفتي الجمهورية الأسبق، الدكتور نصر فريد واصل، تحريم التدخين شرعًا، استنادًا إلى وقائع علمية دامغة وأدلة شرعية واضحة لم تكن الفتوى مجرد رأي عابر، بل تحوّلت إلى علامة فارقة في تاريخ الخطاب الديني والصحي في مصر والعالم الإسلامي، وأثارت وقتها ردود أفعال واسعة بين مؤيد ومعارض. 

واليوم، وبعد مرور أكثر من ربع قرن، يكشف صاحب الفتوى أسرارًا جديدة حول ظروف صدورها وكواليس مناقشتها ونشرها عالميًا، وذلك خلال مشاركته في احتفالية دار الإفتاء بمرور 130 عامًا على تأسيسها.

أول من حرم التدخين في مصر.. خلفية قرار غير مسبوق

دراسات علمية تقود إلى فتوى تاريخية

كشف الدكتور نصر فريد واصل أن التعاون بين دار الإفتاء ومنظمة الصحة العالمية كان نقطة تحول في إصدار الفتوى، حيث عُرضت تقارير طبية موسّعة تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك الآثار المدمرة للتدخين على صحة الفرد، وعلى استقرار الأسرة، وعلى الاقتصاد والصحة العامة.

وبيّن أن تلك الدراسات لعبت دورًا محوريًا في اتخاذ القرار الشرعي، إذ أظهرت بما فيه الكفاية الضرر المؤكد الذي يجعل التدخين يدخل في نطاق المحرمات وفق القواعد الفقهية المعتبرة، مثل قاعدة "لا ضرر ولا ضرار" ومقاصد الشريعة في حفظ النفس.

فتوى تصل إلى العالم

أوضح واصل أن دار الإفتاء لم تكتفِ حينها بإعلان الفتوى محليًا، بل قامت بنشرها على نطاق دولي، ليصل صداها إلى عواصم عربية وإسلامية عدة، مؤكدًا أن الرسالة التي حملتها الفتوى كانت واضحة: حماية الإنسان جزء أصيل من التكليف الشرعي، وأن الإسلام لا يمكن أن يقف على الحياد أمام ما يهدد صحة الإنسان واستقرار المجتمع

كواليس إصدار الفتوى.. مواجهة فوضى الفتاوى

دور الإفتاء في تثبيت الاستقرار ومواجهة التشدد

يروي المفتي الأسبق أن فترة التسعينيات شهدت انتشار فتاوى غير رسمية تصدر من جماعات دينية خارج الأطر المؤسسية، ما أحدث بلبلة داخل المجتمع. 

ولهذا كان حريصًا، بحسب قوله، على أن تكون كل فتوى تصدر عن الدار منضبطة، وهادفة إلى حماية المجتمع من الفتن والاضطرابات.

مسؤولية شرعية ووطنية

شدد واصل على أن الفتوى لم تكن مجرد قرار فقهي، بل كانت خطوة ضمن استراتيجية أوسع لحماية المجتمع من التوجيهات الخاطئة التي تنشرها جماعات الإسلام السياسي، والتي كانت تُصدر أحكامًا دينية بلا ضوابط، مؤدية إلى انقسامات وتشويش في الوعي العام.

محطات مضيئة في مسيرة المفتي السابق

السعي لتوحيد رؤية الأهلة: مبادرة سبقت عصرها

من بين المحطات المهمة في مسيرة الدكتور نصر فريد واصل، تلك المبادرة العلمية التي تقدم بها لتوحيد بداية الشهور القمرية في العالم الإسلامي.

تمت مناقشة المبادرة خلال اجتماع في مكة المكرمة حضرته 18 دولة ممثلة بمفتيها وعلماء الفلك، في مرحلة كانت الخلافات حول بداية رمضان والعيدين تستنزف الجهود وتثير الارتباك في الشارع المسلم.

ويكشف المفتي الأسبق أن الاجتماع انتهى إلى تبني توصية مشتركة باعتماد منهج موحّد لبداية الشهور العربية، وهو ما بدأت معظم الدول في تطبيقه لاحقًا، لتصبح المبادرة واحدة من أكثر الخطوات تأثيرًا في ضبط التقويم الهجري المعاصر.

كلمة تقدير.. وربط الماضي بالحاضر

تكريم الجهود واستدعاء الذاكرة

في ختام كلمته خلال الاحتفالية، عبّر الدكتور واصل عن تقديره البالغ للدعوة التي وجهتها إليه دار الإفتاء، مؤكدًا أن حضوره ليس احتفالًا بالماضي فقط، بل مناسبة لإعادة التذكير بالجهود التي بُذلت لحماية المجتمع ودعم الفهم الصحيح للدين عبر أكثر من قرن.

اعتزاز بالموقع ومسؤولية الرسالة

أعرب عن اعتزازه بكونه أحد أعضاء هيئة كبار العلماء، ومفتيًا سابقًا للديار المصرية، مشيرًا إلى أن منهجه خلال سنوات عمله كان يقوم على الالتزام الواضح بالشريعة الإسلامية دون إفراط أو تفريط، مع الحرص الدائم على الربط بين العلم الشرعي والمعطيات العلمية الحديثة في كل قضية.

احتفالية الـ130 عامًا.. حضور واسع ورمزية تاريخية

شهدت الجلسة الافتتاحية حضور عدد من الوزراء، وقيادات الأزهر الشريف، ووزارة الأوقاف، إلى جانب رموز الفكر والثقافة، والإعلاميين، والمجتمع المدني. كما شارك في الاحتفال مفتيون سابقون وأسر المفتين الراحلين الذين أسهموا في مسيرة الدار عبر عقود طويلة.

تم نسخ الرابط