رئيس مجلس الإدارة
رضا سالم
رئيس التحرير
نصر نعيم

أسماء حامد تكتب: في الـ16 يومًا لمناهضة العنف.. الذكاء الاصطناعي سلاح رقمي جديد يهدد النساء

تفصيلة

يستعد العالم لإحياء حملة الـ16 يومًا لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات، التي تبدأ في 25 نوفمبر وتنتهي في 10 ديسمبر، وهي الفترة التي تخصص سنويًا لتسليط الضوء على هذه القضية الدولية، في فترة تربط بين اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة واليوم العالمي لحقوق الإنسان.

وبينما يتجدد هذا الالتزام السنوي للتأمل في واقع النساء والاعتراف بخطورة العنف الذي يتعرضن له، علينا أن ندق ناقوس الخطر بأن العنف ضد النساء تخطى حدود الزوايا المظلمة والجدران الأربعة في المنزل أو العمل أو حتى الشارع، وانتقل إلى العالم الرقمي وأصبح أكثر شراسة وقسوة، فكم من حالات لجأت ضحاياها إلى الانتحار بسبب الابتزاز الجنسي الإلكتروني، مثلما حدث في بعض القصص الشهيرة وابتزاز الفتاة بصور فاضحة تجعلها تقع فريسة بين حيرة الاستسلام أو الانتحار بسبب الخوف من الفضيحة وغياب الوعي والدعم.

ومع ظهور الذكاء الاصطناعي الـ"AI"، زاد الخطر والتهديدات وأصبح سلاح رقمي جديد ضد النساء والفتيات، وأداة في يد المجرمين لتطوير جرائم العنف الإلكتروني ضد المرأة، وأصبح بإمكان المجرمين استخدام أخطر تقنيات الذكاء الاصطناعي، وهي تقنية التزييف العميق، التي تسمح بإنشاء صور ومقاطع فيديو مزيفة للضحية وكأنها واقعية ويصعب تمييزها عن الحقيقة من خلال فبركة وتركيب وجه الضحايا على محتوى إباحي غير أخلاقي من أجل ابتزازهن سواء جنسيا أو ماليا، ومجرمون آخرون يستخدمون هذه التقنية من أجل الانتقام الإباحي إذا رفضت الضحية بعض التنازلات الجنسية، بينما يستخدم آخرون هذا السلاح لتهديد بعض النساء من الناشطات أو السياسيات أو المشاهير، وتعد هذه الجرائم أشد أشكال العنف الجنسي والنفسي التي يمكن أن تتعرض لها النساء والفتيات، وتسبب صدمات نفسية قد تؤدي إلى الانتحار، فضلا عن تدمير السمعة والأمان الاجتماعي.

إننا أمام سلاح رقمي جديد، قد يتحول إلى كابوس يهدد أمن النساء والمجتمع، وهو ما يستدعي وقفة جادة واعترافا بأن الأمان الرقمي للنساء حق أساسي من حقوق الإنسان، ويتطلب تعاون بين المؤسسات العاملة بملف العنف ضد المرأة، حتى تكون التكنولوجيا وسيلة لتحقيق العدالة والأمان لا لارتكاب الجرائم.

كما أننا في أشد الحاجة إلى التربية الرقمية الشاملة للأجيال الجديدة، لتعليمهم كيفية التعامل الآمن مع العالم الرقمي وفهم مخاطر التزييف العميق وغرس ثقافة الاحترام والأخلاق في ذلك العالم.

ويظل الوعي أهم الأسلحة المضادة للجرائم الإلكترونية المدعومة بالتزييف العميق، بالتوازي مع توفير أدوات دفاعية تساعد النساء على تتبع أي محتوى غير أخلاقي يخصهن والإبلاغ عنه قانونيا، خاصة أن القانون المصري وفقا لقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، يعترف بالجرائم الإلكترونية ويعاقب على نشر المحتوى غير المشروع والمنافي للآداب عبر الإنترنت، ورغم ذلك ما زلنا بحاجة إلى مزيد من التطوير والانفتاح على الاتفاقيات الدولية لتناسب التطور السريع لهذه الجرائم العابرة للحدود.

وفي النهاية، نحن أمام معركة جديدة، معركة مناهضة العنف الرقمي باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وينتصر فيها من يخوضها بحكمة ووعي وسرعة المواجهة، ومن يعترف ويدرك أننا أمام كارثة حقيقية لا تهدد أمن النساء فقط بل تهدد الأمن القومي للبلاد، ومن يستطيع أن يطور سياسات الحماية لتواكب وتيرة هذه المعركة، والاعتراف بأن هذا الخطر الجديد ليس مسؤولية فردية، ولكنه مسؤولية مشتركة تقع على عاتق المجتمع ومؤسسات الدولة كافة.

تم نسخ الرابط