السيسي يستقبل الرئيس الكوري ويوقعان مذكرتي تفاهم في مجالي الثقافة والتعليم
استقبل السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي والسيدة انتصار السيسي قرينة الرئيس، اليوم، الرئيس "لي جاي ميونغ" رئيس جمهورية كوريا الجنوبية والسيدة قرينته.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن مراسم الاستقبال الرسمية تضمنت استعراضًا لحرس الشرف، وعزف السلامين الوطنيين، والتقاط صورة تذكارية للرئيسين وقرينتيهما، أعقبها عقد جلسة مشاورات مغلقة بين الزعيمين، تلتها جلسة موسعة بمشاركة وفدي البلدين.
وأشار السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي، إلى أن السيد الرئيس استهل اللقاء بالترحيب بضيف مصر الكريم في زيارته الأولى لمصر منذ توليه منصبه في يونيو 2025، والتي تتزامن مع احتفال البلدين بمرور ثلاثين عامًا على إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما.

وأكد السيد الرئيس أهمية مواصلة تعزيز العلاقات الثنائية المتميزة في كافة المجالات، وبالأخص المجالات الاقتصادية والاستثمارية والثقافية، وكذا في مجال التعليم، مشيدًا بالتجربة التنموية الكورية، ومعربًا عن تطلع مصر لزيادة حجم أعمال الشركات الكورية واستثماراتها في مختلف القطاعات ذات الأولوية، خاصة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وصناعة السيارات، وبناء السفن، والذكاء الاصطناعي، والبتروكيماويات والتعدين، مع التركيز على توطين هذه الصناعات داخل مصر. كما أبرز الرئيس ما تقدمه الدولة المصرية من ضمانات وحوافز استثمارية ومزايا تنافسية للسوق المصرية.

ومن جانبه، أعرب الرئيس "لي جاي ميونغ" عن شكره للسيد الرئيس على حفاوة الاستقبال، مؤكدًا حرص بلاده على تطوير التعاون مع مصر في جميع المجالات، سواء على مستوى العلاقات الحكومية التنموية أو من خلال نشاط الشركات الكورية في السوق المصرية. كما أشاد بالإنجازات التي حققتها مصر خلال العقد الأخير، والتي كان آخرها افتتاح المتحف المصري الكبير.
وأضاف المتحدث الرسمي أن المباحثات تناولت أيضًا القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، حيث استعرض السيد الرئيس جهود مصر الرامية لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وقرار مجلس الأمن ذي الصلة، مؤكدًا موقف مصر الثابت القائم على حل الدولتين كسبيل وحيد لتحقيق السلام الدائم والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
وفي هذا السياق، ثمّن الرئيس الكوري دور مصر المحوري في تحقيق السلام ودعم الاستقرار بالشرق الأوسط، ولاسيما جهود السيد الرئيس التي أفضت إلى وقف الحرب في قطاع غزة واستضافة قمة شرم الشيخ للسلام، مؤكداً تأييد بلاده لحل الدولتين وللجهود المصرية ذات الصلة.
كما استعرض الرئيس الكوري موقف بلاده إزاء التطورات في شبه الجزيرة الكورية وشرق آسيا، حيث أشاد السيد الرئيس بجهود جمهورية كوريا للحفاظ على علاقات متوازنة وتعاونية مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية.
كما تبادل الرئيسان وجهات النظر بشأن الأوضاع في عدد من دول المنطقة، وأكدا على ضرورة الحفاظ على وحدة وسيادة الدول والتوصل إلى تسوية سياسية شاملة لأزماتها والحفاظ على مقدرات شعوبها.
وذكر المتحدث الرسمي أنه تم التوقيع على مذكرتي تفاهم في مجالي الثقافة والتعليم.
وقد ألقى السيد الرئيس كلمة خلال المؤتمر الصحفي المشترك، وجاء نصها كالتالي:
"بسم الله الرحمن الرحيم
فخامة الرئيس لي جاي ميونغ، رئيس جمهورية كوريا الصديقة،
السيدات والسادة،
إنه لمن دواعي سروري أن أرحب بفخامة الرئيس لي في زيارته الأولى إلى مصر، والتي تأتي في إطار الرغبة المشتركة لدفع العلاقات بين البلدين قدمًا، وتتزامن مع الاحتفال هذا العام بمرور ثلاثة عقود على تدشين العلاقات الدبلوماسية بين مصر وجمهورية كوريا.
شهدنا طوال هذه السنوات تطور علاقات التعاون والصداقة بين البلدين، القائمة على الاحترام المتبادل، ودعم السلام والتنمية والرخاء، لتصل إلى مستوى الشراكة التعاونية الشاملة.
وتشكل العلاقات المصرية الكورية جسرًا من التواصل الحضاري والثقافي، كما أنها تطرح نموذجًا للتعاون الاقتصادي القائم على التكامل وتعظيم الفائدة المشتركة من قدرات البلدين وطاقات شعبيهما.
وانطلاقًا من هذه الأرضية المشتركة، تناول وفخامة الرئيس لي اليوم مجمل جوانب العلاقات الثنائية بين مصر وكوريا، لا سيما في مجال التعاون الاقتصادي، ومشاركة الشركات الكورية في العديد من المشروعات المهمة في مصر، والتي أغتنم هذه الفرصة لدعوتها لتعزيز أعمالها وتوسيع استثماراتها، كما أدعو شركات كورية جديدة لدخول السوق المصري والاستفادة مما يتيحه من فرص واعدة.
واتفقنا خلال المباحثات على أهمية اتخاذ خطوات تنفيذية لتدشين المزيد من أوجه التعاون في مجالات مختلفة؛ تشمل الذكاء الاصطناعي والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، خاصة وأن هذا المجال عابر للقطاعات ويساهم في زيادة الإنتاجية وتوسيع الأعمال في مجالات عدة، وكذلك تشجيع قطاع الأعمال الكوري على تدشين مصانع لإنتاج البتروكيماويات، والاستفادة من القدرات التكنولوجية لجمهورية كوريا في هذا المجال، خاصة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، فضلًا عن جذب الشركات الكورية المتخصصة في إنتاج السيارات وبناء السفن لتعزيز تواجدها بمصر وإنشاء المزيد من المصانع لهذا الغرض، للاستفادة من الحوافز الاستثمارية التي تتيحها الحكومة المصرية في هذه القطاعات.
تناولنا كذلك بإيجابية مقترح إنشاء جامعة كورية متخصصة في العلوم والتكنولوجيا في مصر، بالإضافة إلى دراسة إمكانية إنشاء مدارس كورية، بهدف نقل التجربة التعليمية وتبادل الخبرات، كما شهدنا اليوم توقيع البلدين على مذكرتي تفاهم في مجالي الثقافة والتعليم.
من جانب آخر، تطرقت مناقشاتنا أيضًا إلى القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، حيث اتفقنا على ضرورة تعزيز ثقافة السلام العالمية ودعم الاستقرار في منطقتي الشرق الأوسط وشبه الجزيرة الكورية، فضلاً عن أهمية تكثيف الجهود العالمية للتصدي للتحديات الراهنة؛ وعلى رأسها الإرهاب، ومكافحة الأوبئة، ومعالجة الآثار السلبية لظاهرة تغير المناخ، والتمسك بأحكام القانون الدولي ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة.
وقد استعرضت في هذا الإطار جهود مصر في الحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي، والتي توجت مؤخرًا بالتوصل إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، عبر الاتفاق الذي تم توقيعه في "قمة شرم الشيخ للسلام" يوم 13 أكتوبر 2025 بحضور دولي واسع، وأوضحت لفخامة الرئيس لي موقف مصر الثابت والقائم على أهمية حل الدولتين، من أجل الوصول إلى سلام دائم وشامل وعادل، مشيرًا إلى تطلعنا لاعتراف المزيد من الدول بالدولة الفلسطينية، من أجل دعم هذا المسار وتقدير المشاركة الكورية الفاعلة مستقبلاً في عملية إعادة إعمار قطاع غزة.
في الختام، أكرر ترحيبي بفخامة الرئيس لي في القاهرة ونتطلع إلى العمل معًا لتحقيق الرخاء لشعبينا الصديقين، والبناء على ثلاثة عقود من النجاح المشترك. وأتوجه بالتحية والتقدير لفخامة الرئيس أثناء زيارته الأولى لمصر، وأشيد بالروح والإرادة السياسية الكبيرة لتطوير التعاون بين البلدين.
وأقول لفخامة الرئيس أننا من جانبنا في مصر نشارككم هذه الإرادة والاستعداد لتقديم كل التسهيلات للشركات الكورية، وليس فقط للشركات، وإنما أيضًا للقطاعات الكورية المختلفة للتعاون معنا في المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية والعسكرية.
مرة أخرى، أرحب بفخامة الرئيس، وسيسعدني أن أزور كوريا الجنوبية مرة أخرى بعد تسع سنوات من الزيارة الأولى، وأتمنى لكم كل التوفيق".

