رئيس مجلس الإدارة
رضا سالم
رئيس التحرير
نصر نعيم

تحذير إفتائي: لا تدعوا على أبنائكم فالدعاء مستجاب من الوالدين

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

تتكرّر في بيوت كثيرة مشاهد التوتر بين الأبناء وذويهم، وفي لحظات الغضب قد تنفلت من أفواه الأمهات كلمات تحمل دعوات قاسية دون وعي بخطرها أو أثرها الشرعي والنفسي ومع ازدياد تساؤلات الأمهات حول حكم الدعاء على الأبناء، عادت دار الإفتاء المصرية لتسلّط الضوء على هذا السلوك الشائع، مؤكدة أن دعاء الوالدين من أعظم الأدعية المستجابة، وأن التفريط فيه أو توجيهه للشر قد يفتح أبواب الندم

دعاء الأم على أبنائها.. خط أحمر لا يُستباح

أكد الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء، أن دعاء الأم على أبنائها من أخطر ما يمكن أن تتلفّظ به المرأة، مشيرًا إلى أن كلمات الوالدين ليست كالكلمات العادية، بل قد تكون سببًا في استجابة إلهية سريعة لا رجوع بعدها وجاء تصريح الشيخ ردًا على سؤال تقدّمت به سيدة تعمل في رعاية الأيتام، قالت فيه إنها زوّجت أبناءً ليسوا من صلبها بينما قاطعها ابنها، وهو ما دفعها إلى التساؤل: «هل الدعاء عليه حرام؟».

وشدد أمين الفتوى على أن خطورة تعريض الأبناء لغضب الوالدين أمر لا يمكن التهاون فيه، موضحًا أن سقف العلاقة بين الابن ووالديه يجب ألا يُمسّ، لأن دعاء الوالدين من الأدعية التي لا تُرد، سواء كان الدعاء خيرًا أو شرًا.

واستشهد بحديث النبي ﷺ الذي أشار فيه إلى أن «دعوة الوالد لولده» من الدعوات المستجابة، مؤكدًا أن هذا الحكم يشمل الأب والأم على السواء.

تحذيرات شرعية صريحة.. السنة نهت عن الدعاء على الأبناء

بيّن الشيخ عويضة عثمان أن النبي ﷺ نهى بشكل واضح وصريح عن الدعاء على النفس أو الأبناء أو الأموال، لأن لحظة الغضب قد توافق ساعة استجابة، فتقع الدعوة كالصاعقة على الابن، ويقع معها ندم لا ينفع بعده بكاء.

وضرب الشيخ مثالًا واقعيًا لرجل كان يعقّ والديه يوميًا ويؤذيهما، فدَعَوا عليه في لحظة ضيق، وما مرت أيام حتى توفي، قائلًا إن هذه الوقائع ليست خيالًا ولا مبالغة، بل نماذج تُظهر خطورة التفريط في هذا الباب الخطير.

كما أكد أن الأصل في الدعاء أن يكون طلبًا للهداية والصلاح، وليس الانتقام أو تفريغ الغضب، وأن الأم  مهما بلغت درجة غضبها  ينبغي أن تستعيض عن الدعاء بالسوء بالدعاء بالخير، فالقلوب بيد الله وحده.

فتوى أخرى تؤكد الحكم

ولم تكن هذه الفتوى هي الوحيدة في هذا السياق، إذ أجاب الشيخ محمد كمال، أمين الفتوى بدار الإفتاء، عن سؤال لسيدة قالت فيه إن ابنها يفتعل المشكلات مع شقيقاته، وإنها تضطر للدعاء عليه لأنها لا تعرف كيف تتعامل معه.

أوضح الشيخ كمال أن الدعاء على الأبناء غير جائز شرعًا، وأن الأم تتحمل جزءًا من المسؤولية التربوية، لأن التربية لا تُبنى بالدعاء بالسوء ولا باللعن، بل بالتهذيب والتوجيه والتقويم المستمر.

وقال في فتواه: «النبي ﷺ قال: لا تدعوا على أولادكم، ولا على أموالكم، ولا على أنفسكم، فقد يستجيب الله في لحظة، وتندمين ندمًا شديدًا لا ينفع معه شيء».

وشدد على أن هذه الثقافة، المنتشرة في كثير من البيوت العربية، تحتاج إلى تغيير جذري يقوم على الوعي والهدوء وضبط الانفعال.

ودعا الشيخ محمد كمال الأمهات إلى استبدال الدعاء على الأبناء بالدعاء لهم، مؤكدًا أن الكلمات الطيبة قادرة على فتح أبواب الرزق والبركة في الأبناء، وأن الدعاء بالهداية والصلاح من أقوى أسباب تعديل السلوك.

ومن الأدعية التي أوصى بها:

اللهم اهده

اللهم أصلح حاله

اللهم اجعله من الصالحين


وأشار إلى أن الأسلوب الهادئ في مخاطبة الأبناء يملك تأثيرًا بالغًا، موضحًا: «لما الأم تقول لابنها بهدوء: يا محمد، اللي بتعمله غلط ده بيخلّي الولد يسمع ويستجيب».

كما شدد على أن الطفل حين يشعر بمحبة أمه واهتمامها، يلين قلبه وتصبح عملية التوجيه أكثر فاعلية، بينما الأسلوب الصارم والدعاء بالسوء يخلّف فجوة تربوية عميقة. 

تم نسخ الرابط