فريد: نسعى لتأسيس بيئة مالية حديثة قائمة على الابتكار الرقمي
شارك الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، ونائب رئيس المنظمة الدولية لهيئات الرقابة على أسواق المال (أيوسكو – IOSCO) ورئيس لجنة الأسواق النامية والناشئة بالمنظمة (GEMC)، في فعاليات المؤتمر العام الذي نظمته هيئة الخدمات المالية في مالطا.
وقد ألقى الدكتور محمد فريد الكلمة الرئيسية أمام نخبة من قادة الرقابة المالية وصناع السياسات من مختلف الأسواق العالمية.
ويأتي هذا المؤتمر بالتزامن مع انعقاد الاجتماع والمؤتمر السنوي لعام 2025 للجنة الأسواق النامية والناشئة (GEMC) التابعة للمنظمة الدولية لهيئات أسواق المال (IOSCO) الذي تستضيفه هذا العام هيئة الخدمات المالية بمالطا في الفترة من 18 إلى 20 نوفمبر.
وألقى الدكتور محمد فريد كلمته في جلسة بعنوان “الأسواق الناشئة: الفرص والتهديدات والاتجاهات الجديدة في ظل المشهد العالمي المُعقّد”، وتطرّق فيها إلى أبرز التطورات الاقتصادية العالمية، وتداعيات المخاطر الجيوسياسية على الاستقرار المالي، إلى جانب مستقبل أسواق المال ودور التنظيم والابتكار في دعم كفاءتها؛ كما تناولت الكلمة مسائل التحول الرقمي.
وأكد الدكتور محمد فريد أن إصدار قانون تنظيم وتنمية استخدام التكنولوجيا المالية ولوائحه التنفيذية يمثل نقطة فارقة في مسيرة تطوير الإطار الرقابي المصري، إذ يبرهن على أن القابلية للتكيف يمكن أن تكون جزءًا أصيلًا من التنظيم ذاته.
وشدد على أن الإطار الرقابي لم يعد مجرد قواعد جامدة تتبع الابتكار، بل أصبح قادرًا على التطور معه بحيث تتفاعل التنظيمات مع الابتكارات الجديدة في الوقت الفعلي، مما يتيح للهيئة ضمان حماية المتعاملين، وتعزيز الشفافية، وفي الوقت نفسه تشجيع بيئة محفزة على الابتكار والإبداع.
وأضاف أن هذا التوجه يعكس قدرة الهيئة على الجمع بين الصرامة التنظيمية والمرونة اللازمة لمواكبة الثورة الرقمية، مع وضع المصلحة العامة وحماية المستهلك في مقدمة الأولويات.
ولفت إلى أن الهيئة تحوّلت عمليًا من نموذج العمل التقليدي القائم على الورق إلى نموذج رقمي متكامل، حيث تم ترخيص شركات ناشئة رقمية بالكامل للعمل، ووافقت على تأسيس سجل يشمل مزودي خدمات التكنولوجيا المالية، وإجراءات اعرف عميلك إلكترونيًا «e-KYC»، والعقود الرقمية، والسجل الرقمي، بما يعزز الكفاءة ويسهّل الوصول للخدمات المالية.
وأشار إلى ترخيص المستشار الآلي (Robo-Advisor) لدعم مديري الأصول باستخدام الذكاء الاصطناعي، إلى جانب إصدار تراخيص رقمية لصناديق الاستثمار العقاري والملكية الخاصة ورأس المال المغامر، تمهيدًا للتحول الكامل نحو نماذج رقمية متقدمة لإدارة الصناديق.
وأضاف فريد أن هذه الخطوات تؤسس لبيئة مالية حديثة قائمة على الابتكار الرقمي، وتتيح للهيئة أن تكون شريكًا فاعلًا في رسم مستقبل التمويل غير المصرفي بما يواكب أحدث الممارسات العالمية.
وفي سياق حديثه عن الأسواق النامية والناشئة، أوضح رئيس لجنة الأسواق النامية والناشئة أن هذه الأسواق تواجه تحديات مضاعفة مقارنة بنظيراتها المتقدمة، سواء بسبب محدودية الموارد التنظيمية أو سرعة تطور الأسواق أو الحاجة لمواكبة التحولات التكنولوجية بوتيرة متسارعة.
وأشار إلى إثبات الأسواق الناشئة أن قصتها ليست قصة مواجهة للصدمات فحسب، بل هي قصة تكيف استراتيجي، جعلتها اليوم مختبرات للابتكار تُعيد تشكيل المعايير العالمية، وتدفع بأجندة الإصلاح والاستدامة إلى آفاق عملية قابلة للقياس. وأكد أن اللجنة تعمل باستمرار على دعم هذه الأسواق وتيسير تبادل الخبرات بينها، بما يسهم في تطوير هياكلها الرقابية وتحسين قدرتها على مواجهة المخاطر وتعزيز جاذبيتها للاستثمارات.
وأكد رئيس هيئة الرقابة المالية على أن الاستدامة لم تعد مجرد توجه نظري، بل أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الممارسات الرقابية والعمل المؤسسي، مشددًا على ضرورة دمج المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة في كل أنشطة السوق.
وأضاف أن تطوير القدرات البشرية يُعد من الركائز الأساسية التي تضمن القدرة التنافسية على المدى الطويل، مؤكدًا أن الاستثمار في الكوادر المؤهلة والمدربة يمثل عنصرًا حيويًا لتحقيق التحوّل الرقمي والابتكار في آن واحد.
كما شدد فريد على أن التعاون الإقليمي والعالمي بات ضرورة حتمية لمواجهة تحديات التجزؤ والتعطّل التكنولوجي، وأوضح أن التعاون بين الأسواق الناشئة يمثل أحد المحركات الرئيسة للنمو المستقبلي، مع تمكين هذه الأسواق من لعب دور قيادي في وضع السياسات والمعايير المالية العالمية.

