من "شاهين" إلى "ستار".. النصر للسيارات تعود للحياة وتطلق الثورة الكهربائية في مصر
بعد سنوات طويلة من الصمت، عادت مصانع شركة النصر للسيارات من جديد للإنتاج، لم تكن هذه مجرد عملية إحياء لاسم تجاري عريق، بل هي خطوة استراتيجية من الحكومة المصرية لتوطين صناعة المركبات، مع تركيز واضح على الكهربائية منها.
هذه العودة، التي وصفت بأنها "انتصار كبير للصناعة الوطنية"، تمثل نقلة نوعية في استراتيجية الدولة المصرية لتوطين صناعة السيارات والتحول نحو النقل المستدام.
إحياء القلعة الصناعية
وشُيدت "النصر للسيارات" في عام 1960، لتكون رمزاً للطموح الصناعي في مصر، حيث أنتجت طرازات أيقونية مثل "نصر 128" و"شاهين"، إلا أنها تعرضت للتصفية في عام 2009 بسبب تراكم المديونيات، لتظل أصولها وبنيتها التحتية، التي تمتد على مساحة 480 ألف متر مربع، في حالة سكون.

لكن الإرادة السياسية، عملت على إحياء هذه الشركة التابعة لوزارة قطاع الأعمال، مؤكداً أن الدولة "لا تفرط في قلاعها الصناعية"، بل تسعى للاستغلال الأمثل لأصولها، ففي عام 2017، تمت إعادة الشركة من التصفية، وبدأت خطة تطوير شاملة للبنية التحتية وتحديث خطوط الإنتاج والتجميع والدهان بأحدث النظم العالمية، بتمويل وصل إلى 20 مليون دولار من الشركة القابضة المعدنية.
"نصر سكاي" باكورة الإنتاج
الخطوة الأولى في هذا الانبعاث الجديد لم تكن سيارة ركوب صغيرة، بل مركبة نقل جماعي ضخمة. في احتفالية رسمية شهدها كبار المسؤولين، تم الإعلان عن بدء إنتاج أول دفعة من أتوبيس "نصر سكاي" السياحي.

وتبلغ الطاقة الإنتاجية المستهدفة الأولية للمصنع حوالي 300 أتوبيس سنوياً، الأهم من ذلك هو نسبة المكون المحلي، وصلت إلى 63٪ مع خطة طموحة لرفعها إلى 70% بحلول عام 2026.
كما تم إضافة خط لإنتاج الميني باص "نصر ستار" بطاقة تصميمية تصل إلى 500 ميني باص سنوياً، ونسبة مكون محلي تتجاوز 70%، وتسليم أول دفعة من هذه الأتوبيسات لشركات النقل التابعة لوزارة النقل يمثل مؤشراً على دخول الشركة فعلياً في منظومة الخدمة العامة.

ثورة المركبات الكهربائية
التحول الأكبر والأكثر استراتيجية في خطة "النصر للسيارات" هو التوجه نحو تصنيع المركبات الكهربائية، هذا التوجه يتواكب مع "رؤية مصر الصناعية المستقبلية" وأهداف التنمية المستدامة، ويدعم استراتيجية الدولة لتعزيز "التصنيع الأخضر" ودعم النقل المستدام منخفض الانبعاثات الكربونية.

الأوتوبيسات والميني باصات الكهربائية
تم بالفعل متابعة التجهيزات الجارية لإنتاج نماذج كهربائية من الأتوبيسات والميني باصات، حيث ستُخصص للعمل ضمن منظومة النقل الجماعي. وتم توقيع عقد لتأسيس شركة مساهمة بالتعاون مع شركاء دوليين، منهم "ترون تكنولوجي" السنغافورية التايوانية، و"يور ترانزيت" الإماراتية، لإنتاج أول ميني باص كهربائي ذي 24 راكباً.
سيارات الركوب الكهربائية
فيما شهد مصنع سيارات الركوب الملاكي تطويرًا شاملًا للبنية التحتية وتم تزويده بأحدث خطوط الإنتاج والتجميع والدهان وفقًا لأحدث النظم العالمية، فضلًا عن تجديد خط الألبو بما يواكب متطلبات الإنتاج الحديث.

وفي جولة اليوم الخميس شهد المهندس محمد شيمي وزير قطاع الأعمال العام، تجارب التشغيل للخطوط الإنتاجية ونماذج للسيارات التي يتم إنتاجها لشركة النصر ولعدد من العلامات التجارية العالمية.
توطين البطاريات
التحدي الأكبر في صناعة السيارات الكهربائية هو البطارية، وقد دخلت مصر في شراكة لتصنيع البطاريات، مع هدف استراتيجي يضمن تصنيع البطارية الكهربائية بالكامل محلياً على مدى 10 سنوات، بنسبة توطين تزيد 10% كل عام.
دعم الشراكة وتنافسية المنتج الوطني
يرى مراقبون أن عودة "النصر للسيارات" لا تمثل مجرد إحياء لاسم تجاري عريق، بل هي جزء من إرادة سياسية لـ "توطين صناعة السيارات" التي يحتاجها السوق المحلي الذي يقدر بحوالي نصف مليون سيارة. فالمنتج الجديد، سواء كان أتوبيس أو سيارة ركوب كهربائية، مصمم ليتوافق مع أحدث المعايير العالمية، مما يجعله قادراً على المنافسة محلياً وإقليمياً.

وأكدت الحكومة المصرية إيمانها بالشراكة مع القطاع الخاص، مع السعي لضمان استدامة هذه القلعة الصناعية للمستقبل.

