تهديدات رئاسية، اتهامات بالشيوعية، وصراع على هوية المدينة الأكبر في أميركا
حرب انتخابية غير مسبوقة بين ترامب وزهران ممداني تهز نيويورك قبل اقتراع العمدة
تعيش مدينة نيويورك واحدة من أكثر الانتخابات البلدية إثارة للجدل في تاريخها الحديث، بعدما تحوّل السباق على منصب عمدة المدينة إلى مواجهة سياسية مفتوحة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والمرشح الديمقراطي المسلم زهران ممداني.
فبينما تشير استطلاعات الرأي إلى تقدم ممداني بشكل مريح على منافسيه، صعّد ترامب من لهجته، مهددًا بحجب التمويل الفيدرالي عن المدينة في حال فوز ممداني، الذي يصفه بـ«الشيوعي» و«المجنون»، في مشهد يعكس عمق الانقسام السياسي والاجتماعي داخل الولايات المتحدة.
بدأ التوتر بين ترامب وممداني منذ إعلان الأخير خوضه السباق على منصب العمدة، ممثلاً للجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي، وعضوًا بارزًا في منظمة الاشتراكيين الديمقراطيين في أميركا.
ممداني وهو أول مرشح مسلم من أصول هندية لهذا المنصب، جعل من قضايا العدالة الاجتماعية، وضبط الإيجارات، وتوفير خدمات النقل ورعاية الأطفال مجانًا محاور أساسية في برنامجه الانتخابي، ممولة من ضرائب إضافية على الأثرياء والشركات الكبرى.
أما ترامب، فاعتبر هذه التوجهات "خطرًا على هوية نيويورك الاقتصادية"، مؤكداً في أكثر من تصريح أنه "لن يسمح لمجنون شيوعي بإدارة أكبر مدن أميركا"، بحسب منشوراته على منصة تروث سوشيال.
التهديد بحرمان المدينة من التمويل:
في أحدث تصعيد، قال ترامب في منشور له إن فوز ممداني "سيترك نيويورك بلا فرصة للنجاح أو حتى للبقاء"، مضيفًا: "إذا فاز ممداني، فلن أقدم أي تمويل اتحادي، باستثناء الحد الأدنى الذي يفرضه القانون".
ودعا ترامب الناخبين إلى عدم التصويت للجمهوري كيرتس سليوا، الذي وصفه بأنه "ضعيف"، مطالبًا بدعم أندرو كومو، الحاكم الديمقراطي السابق، الذي يخوض الانتخابات كمرشح مستقل، قائلاً: "سواء أحببتم كومو أم لا، فليس أمامكم خيار آخر".
سيناريوهات التعامل مع فوز ممداني:
وفقًا لتحليل نشرته مجلة «نيوزويك»، فإن إدارة ترامب تضع خمسة سيناريوهات محتملة للتعامل مع فوز ممداني، في حال تحقق:
تشديد قوانين الهجرة:
قد تقوم إدارة ترامب بتكثيف حملات وكالة الهجرة والجمارك في نيويورك، خاصة بعد تعهد ممداني بطرد الوكالة من المدينة.
مقاضاة إدارة ممداني:
البيت الأبيض قد يلجأ إلى رفع دعاوى قضائية ضد سياسات المدينة، كما حدث سابقًا عندما حدت نيويورك من التعاون مع السلطات الفيدرالية.
حجب التمويل الفيدرالي:
وهو التهديد الأوضح الذي كرره ترامب مرارًا، رغم أن مساهمة الحكومة الفيدرالية في ميزانية المدينة تبقى محدودة نسبيًا.
فرض رقابة مالية مشددة:
بربط أي دعم فيدرالي بمدى امتثال إدارة ممداني لسياسات واشنطن، خصوصًا في ملف الهجرة والأمن.
نشر قوات فيدرالية:
وهو السيناريو الأكثر جدلاً، حيث لمح ترامب إلى إمكانية إرسال قوات من الحرس الوطني إلى نيويورك لضبط الأمن أو فرض قرارات اتحادية.
مواجهة مفتوحة بين "ألد الأعداء":
وصفت صحيفة «واشنطن بوست» المعركة الانتخابية بأنها "الأكثر سخونة في تاريخ نيويورك الحديث"، مشيرة إلى أن ترامب وممداني لا يتوقفان عن مهاجمة بعضهما البعض، ويستفيد كل منهما سياسيًا من هذا الصراع.
فترامب يستخدم ممداني لتأجيج قاعدته المحافظة، فيما يوحد ممداني صفوف الديمقراطيين التقدميين خلفه قبل يوم الاقتراع.
ورد ممداني على تهديدات ترامب قائلاً: "نيويورك لن تُدار بالخوف. سنواجهه في كل خطوة، ولن نسمح له بإملاء سياساته على مدينتنا الحرة".
الأبعاد السياسية والاجتماعية:
يرى محللون أن الصراع بين ترامب وممداني يتجاوز انتخابات محلية، ليعكس معركة أوسع حول هوية أميركا بين اليمين الشعبوي واليسار التقدمي.
فممداني يمثل تيار الشباب والطبقة الوسطى المدينية الرافضة لسياسات ترامب، بينما يسعى الأخير لتأكيد قبضته على المدن الكبرى عبر التهديد المالي والأمني.