من Google إلى ChatGPT.. المرضى يشخصون أنفسهم قبل زيارة الطبيب

يحدث الذكاء الاصطناعي ثورة غير مسبوقة في مختلف القطاعات، إلا أن تأثيره يبدو الأعمق في مجال الرعاية الصحية، حيث أصبح أداة مساعدة في تشخيص الأمراض وإجراء عمليات جراحية دقيقة كانت في السابق تتطلب تدخلاً بشريًا معقدًا. 

 فإن هذه الطفرة التكنولوجية التي غيّرت طريقة تعاملنا مع الطب، أثارت في المقابل قلق الأطباء من ظاهرة جديدة، تتمثل في اعتماد المرضى على الإنترنت أو أدوات الذكاء الاصطناعي لتشخيص أنفسهم.

يقول الدكتور بالبير سينغ: "لقد بدأنا نستقبل مرضى يستشهدون بنتائج بحثهم عبر Google أو بما يخبرهم به ChatGPT لتفسير أعراضهم"، مضيفًا: "رغم أن وعي الناس بصحتهم أمر إيجابي، إلا أن هذا السلوك قد يكون غير منتج في كثير من الأحيان، بل وربما مضللاً".

وفي محاولة لقياس مدى انتشار هذا التوجه، أجرت صحيفة أمريكية  استطلاعًا للرأي كشف نتائج مثيرة؛ إذ أظهرت أن 24٪ من المشاركين يفضلون طلب المساعدة من أدوات الذكاء الاصطناعي لتشخيص أعراضهم، في حين يعتمد 22٪ منهم على العائلة أو الأصدقاء للحصول على المشورة الطبية.

ويحكي الدكتور أرجون خانا عن موقف طريف يعكس هذه الظاهرة، قائلاً: "خلال موجة كوفيد الأخيرة، جاءني مريض مقتنع تمامًا بأن أعراضه البسيطة كانت دليلًا على الإصابة بالفيروس، لأنه قرأ ذلك من الذكاء الاصطناعي. 

حاولت تهدئته، لكنه أصر على دقته، حتى ظهرت نتيجة الاختبار سلبية... عندها كنت أنا من ضحك أخيرًا".

هذا المشهد أصبح مألوفًا في العيادات حول العالم، إذ يصل المرضى وهم يحملون نتائج “تشخيصات رقمية” جاهزة من الإنترنت أو تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ومع ازدياد الاعتماد على هذه التقنيات، يرى الخبراء أن الظاهرة تعكس تحوّلًا واضحًا في عادات الرعاية الصحية لدى الأفراد.

يقول تارون سينغال، 28 عامًا، وهو خبير تسويق: "ما لم يكن لديك طبيب في العائلة، فالوصول إلى الطبيب ليس دائمًا سهلاً. 

تحتاج إلى الاتصال بالعيادة، وانتظار موعد، وربما تأخير الفحص، بينما الذكاء الاصطناعي يمنحك إجابة فورية".

وبينما يرى كثيرون في هذه السرعة راحةً وتوفيرًا للوقت، يحذر الأطباء من أن الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي في التشخيص قد يؤدي إلى سوء فهم الأعراض أو تأخر العلاج. 

ويؤكدون أن الحل يكمن في تحقيق توازن بين استخدام التكنولوجيا للبقاء على اطلاع، وبين الاحتفاظ بخبرة وحكم الطبيب بوصفه الركيزة الأساسية للرعاية الصحية الآمنة.