رئيس مجلس الإدارة
رضا سالم
رئيس التحرير
نصر نعيم

المتحف المصري الكبير.. الهرم الرابع الذي يروي قصة حضارة لا تنتهي

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

في مشهد احتفالي أبهر أنظار العالم، جاء الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير ليكتب فصلًا جديدًا في سجل الحضارة الإنسانية، ويؤكد أن مصر ما زالت قادرة على تقديم الدهشة من جديد. هذا الصرح، الذي انتظره العالم لسنوات طويلة، لا يمثل مجرد متحف، بل رمزًا شامخًا يعيد صياغة علاقة الإنسان بالتاريخ، ويجعل من الماضي نقطة انطلاق نحو المستقبل.
المهندس عماد فايز، المدير السابق لمشروع المتحف، وصف الافتتاح بأنه "لحظة تاريخية لن تُنسى"، مؤكدًا أن المتحف أصبح "وجهة ثقافية وبصرية جديدة على أرض الحضارة المصرية" تستحق أن توصف بأنها مشروع القرن.

"الهرم الرابع".. وصف لا مبالغة فيه

يقول فايز إن إطلاق وصف "الهرم الرابع" على المتحف المصري الكبير ليس مجازًا، بل حقيقة معمارية وثقافية تعكس حجمه المهيب وروعة تصميمه الهندسي. فالمتحف بُني على مساحة تتجاوز نصف مليون متر مربع عند سفح الأهرامات، ليشكل امتدادًا بصريًا وجماليًا للموقع الأثري الأعظم في العالم.
ويضيف: "ضخامة البناء وجمال التصميم يجعلان المتحف ليس فقط منشأة ثقافية، بل معلمًا حضاريًا عالميًا سيبقى خالدًا كالأهرامات ذاتها"، موضحًا أن المشروع يجمع بين عبقرية العمارة الحديثة وأصالة الروح المصرية القديمة، ليغدو بحق "الهرم الرابع" في سجل العظمة المصرية.

حفل الافتتاح.. رسالة مصر إلى العالم

يرى المدير السابق للمشروع أن حفل الافتتاح كان تجسيدًا فنيًا وبصريًا لمجد مصر المتجدد، فقد امتزجت فيه الإضاءة الحديثة بالموسيقى الفرعونية والرموز التاريخية التي أبرزت عبقرية المصري القديم.
ويشير فايز إلى أن العروض الضوئية التي أضاءت واجهات المتحف والتماثيل العملاقة كانت "لوحة فنية تنطق بالحياة"، بينما جاءت كلمات القيادة السياسية لتؤكد أن المتحف ليس مجرد صرح أثري، بل رسالة إنسانية عنوانها: مصر منبع الحضارة وحارسة الذاكرة الإنسانية.
ويضيف: "كنت شاهدًا على مراحل البناء لسنوات، لكن ما رأيته في الافتتاح تجاوز التوقعات فقد تجلت اللمسة النهائية للمشروع في أبهى صورها، حيث تزاوجت الأصالة بالتكنولوجيا، ليصبح العرض داخل المتحف تجربة ثقافية بصرية غير مسبوقة".

هندسة استثنائية وتجربة بصرية فريدة

يصف المهندس عماد فايز المتحف بأنه "معجزة هندسية بكل المقاييس"، موضحًا أن قاعاته الداخلية صممت دون أعمدة داخلية، إذ تمتد بمساحات شاسعة يصل عرضها إلى 32 مترًا وارتفاعها إلى 40 مترًا، مما يمنح الزائر إحساسًا بالانفتاح والاتساع وكأنه يسير في فضاء حضاري لا حدود له.
ويتابع: "الزائر حين يدخل قاعات العرض يشعر أنه يسافر عبر الزمن، من لحظة فجر التاريخ حتى عصرنا الحديث، حيث تتكلم الآثار عن نفسها من خلال تكنولوجيا عرض ثلاثية الأبعاد، وإضاءة ذكية تراعي كل قطعة أثرية وتبرز جمالها دون المساس بقدسيتها التاريخية".

رحلة في قلب التاريخ.. من الحجر إلى الحضارة

أشار المدير السابق للمشروع إلى أن تصميم المسارات داخل المتحف تم بعناية فائقة بالتعاون مع هيئة الآثار، ليحاكي رحلة الإنسان المصري عبر العصور. فكل قاعة تمثل مرحلة من مراحل التاريخ المصري، بدءًا من عصور ما قبل الأسرات، مرورًا بالدولة القديمة والوسطى والحديثة، وصولًا إلى العصرين اليوناني والروماني.
وأكد أن كل قطعة أثرية وُضعت في مكانها وفق تسلسل علمي مدروس يروي قصة الحضارة المصرية كأنها رواية متكاملة الفصول، تبدأ بالرموز البسيطة وتنتهي بإبداع الفنون والعلوم.
وأضاف: "المتحف لا يقتصر على عرض القطع الأثرية فقط، بل يقدم تجربة معرفية شاملة، تشمل مراكز تعليمية للأطفال، وقاعات عرض سينمائية، ومنصات تفاعلية تسمح للزائر بالتعرف على أسرار الحضارة المصرية من خلال أحدث الوسائل الرقمية".

متحف لكل الأجيال.. ومقصد عالمي للسياحة الثقافية

يؤكد فايز أن المتحف المصري الكبير لا يخاطب المختصين فقط، بل يستهدف كل فئات المجتمع، من الطلبة والباحثين إلى العائلات والسائحين، باعتباره مركزًا للتنوير الثقافي، ومنبرًا للتواصل بين الماضي والمستقبل.
ويضيف أن التصميم المعماري للمتحف يتيح انسيابية الحركة ويمنح الزائر راحة بصرية، حيث تم تخصيص مسارات لذوي الهمم ومناطق استراحة تطل على أهرامات الجيزة، ما يجعل الزيارة تجربة فريدة لا تُنسى.
كما أشار إلى أن المتحف سيُحدث نقلة نوعية في السياحة الثقافية، إذ يُتوقع أن يصبح قبلةً لملايين الزوار سنويًا، ويعزز مكانة مصر على خريطة السياحة العالمية.

 المتحف حكاية مصر المتجددة

واختتم فايز حديثه مؤكدًا أن المتحف المصري الكبير ليس نهاية مشروع، بل بداية عصر جديد من الوعي بالحضارة المصرية، قائلاً:
"هذا الصرح العظيم لا يحكي فقط تاريخ الفراعنة، بل يعكس روح المصريين في حبهم للحياة والإبداع، فهو يربط بين الماضي والحاضر، ويُثبت أن مصر لا تزال قادرة على إبهار العالم كلما أرادت أن تتكلم باسم حضارتها".

 

 

تم نسخ الرابط