باقي علي افتتاح المتحف الكبير
  • يوم
  • ساعة
  • دقيقة
  • ثانية
رئيس مجلس الإدارة
عمرو عامر
رئيس التحرير
نصر نعيم

الأزهر يُجدّد رسالة الإمام الطيب.. مدرسة لتخريج جيل قرآني رقمي يواجه التطرف بالوسطية

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

في مشهد يعكس العمق الحضاري والدور الريادي للأزهر الشريف في نشر علوم القرآن وتخريج حفظته من مختلف أرجاء العالم، أعلن مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين والأجانب برئاسة الأستاذة الدكتورة نهلة الصعيدي، مستشار شيخ الأزهر لشؤون الوافدين، عن انطلاقة جديدة لمدرسة «الإمام الطيب» لحفظ القرآن الكريم وتجويده.

ويأتي هذا التوسّع النوعي ليشمل افتتاح فرعين جديدين للمدرسة بجامعة الأزهر بمدينة نصر للبنين والبنات، ومدن البعوث الإسلامية، تنفيذًا لتوجيهات فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، الذي وجّه بتوسيع نطاق المدرسة وتطوير خدماتها التعليمية والتربوية لتواكب احتياجات طلاب الأزهر الوافدين من مختلف الجنسيات والمراحل الدراسية.

وتعكس هذه الخطوة الرؤية المستقبلية للأزهر الشريف في إعادة بناء منظومة تعليم القرآن الكريم عبر توظيف التقنيات الحديثة وتحديث المناهج بما يضمن الجمع بين الحفظ المتقن والفهم العميق لآيات الله، في إطار المنهج الأزهري الوسطي الذي يجمع بين الأصالة والمعاصرة.

رؤية الأزهر الجديدة: تعليم قرآني يربط بين العلم والإيمان

أكدت الدكتورة نهلة الصعيدي أن خطة التطوير تأتي تنفيذًا لتكليفات الإمام الأكبر، الذي شدّد على ضرورة توفير بيئة تعليمية محفزة ومتكاملة للطلاب الوافدين، تضمن لهم فرص التعلم الجيد والإتقان في الحفظ والتجويد مع الارتقاء بالجانب القيمي والإنساني في آنٍ واحد.

وأوضحت أن الخطة الجديدة تركز على تطوير المناهج القرآنية ودمج الوسائل الرقمية الحديثة في نظام التعليم الأزهري، من خلال إدخال تقنيات حديثة في التلقين الصوتي والإقراء عبر منصات تفاعلية آمنة، ليتمكن الطلاب من التواصل مع مشايخ الأزهر في أي مكان بالعالم.

وأضافت أن التطوير لا يقتصر على المناهج فقط، بل يشمل بناء منظومة تربوية متكاملة تُعنى بالجانب الروحي والثقافي واللغوي، في سبيل تخريج جيل من الطلاب الوافدين يحمل رسالة الأزهر الشريف الوسطية إلى العالم، ويكون سفيرًا للإسلام المعتدل في مجتمعه.

ولفتت الصعيدي إلى أن المرحلة الجديدة ستشهد أيضًا إطلاق مسابقة سنوية كبرى بعنوان "مسابقة مدرسة الإمام الطيب لحفظ القرآن الكريم وتجويده"، وهي مبادرة تهدف إلى اكتشاف المواهب القرآنية الواعدة، وتقديم الدعم والرعاية للطلاب المتميزين في الحفظ والأداء.

التعاون المؤسسي: الأزهر يطوّر المناهج بالشراكة مع لجنة مراجعة المصحف الشريف

وفي إطار الحرص على ضبط الأداء العلمي والشرعي في تعليم القرآن الكريم، أوضحت الدكتورة نهلة الصعيدي أن هناك تعاونًا وثيقًا بين مركز تطوير تعليم الوافدين ولجنة مراجعة المصحف الشريف بالأزهر لوضع مناهج جديدة متكاملة لحفظ القرآن وتجويده.

تقوم هذه المناهج على القراءات المتواترة وأصول الأداء الصوتي، مع الاستعانة بخبرات كبار العلماء والقراء لتأهيل المحفظين والمشايخ القائمين على التعليم. كما تعتمد الخطة الجديدة على استخدام منصات رقمية تعليمية حديثة تتيح للطلاب من داخل مصر وخارجها تلقي الدروس القرآنية في بيئة تفاعلية آمنة.

وأكدت الصعيدي أن هذا التوجه الرقمي يسعى إلى تحصين الطلاب من الفكر المنحرف والتيارات المتطرفة، من خلال تمكينهم من الفهم الصحيح للنصوص الشرعية وتزويدهم بالأدوات العلمية التي تساعدهم على التمييز بين الخطاب الوسطي الأزهري والخطاب المتشدد الذي يسيء إلى الدين.

منذ تأسيسها، شكّلت مدرسة الإمام الطيب علامة بارزة في مشروع الأزهر لتعليم الوافدين، إذ تهدف إلى تخريج جيل من حفظة القرآن الجامعين بين الحفظ والفكر، بين الروح والعقل.

وتقدم المدرسة خدمات تعليمية مجانية بالكامل، تشمل الدراسة الحرة، والمكافآت المالية الشهرية للطلاب المتميزين، بالإضافة إلى الإجازات الشرعية المعتمدة من كبار مشايخ الأزهر، وشهادات التقدير للمجتهدين في الحفظ والتجويد.

كما تُقدّم المدرسة برامج إثرائية متكاملة تشمل دروسًا في التفسير والإعراب وعلوم اللغة العربية، إلى جانب وجبات غذائية يومية للطلاب المقيمين في مدن البعوث الإسلامية، إضافة إلى المسابقات الدولية القرآنية والمقررات الإلزامية والاختيارية التي تهدف إلى تنمية الجوانب الروحية والفكرية لديهم.

وأكدت الدكتورة نهلة الصعيدي أن هذه الجهود تأتي تنفيذًا لتوجيهات الإمام الأكبر بتيسير سبل التعلم أمام الوافدين من مختلف أنحاء العالم، وضمان حصولهم على تعليم قرآني يليق بمكانة الأزهر العالمية كمنارة للوسطية والعلم.

التعليم الأزهري والرسالة الإنسانية العالمية

ترى الصعيدي أن الأزهر من خلال مدرسة «الإمام الطيب» لا يسعى فقط إلى تحفيظ القرآن الكريم، بل إلى غرس القيم الإنسانية في نفوس الطلاب، من خلال منهج يجمع بين الإيمان بالرسالة السماوية وفهم الواقع الإنساني.

وأضافت أن المدرسة تمثل نموذجًا عالميًا للتعايش والتنوع الثقافي، حيث تضم طلابًا من أكثر من خمسين جنسية مختلفة، يعيشون تجربة تعليمية وروحية تحت مظلة الأزهر الشريف، في أجواء تسودها الأخوّة الإسلامية والاحترام المتبادل.

كما تسعى المدرسة إلى تكوين جيل من القراء والمصلحين القادرين على نشر ثقافة السلام والتعايش في مجتمعاتهم، من خلال الفهم الوسطي المتزن للقرآن الكريم، وتقديم الإسلام بصورته الحقيقية كدينٍ يدعو إلى الرحمة والتكافل والاحترام المتبادل.

ضمن خطة التطوير الجديدة، أعلن مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين عن تبنّي نظام التعليم المدمج الذي يجمع بين الحضور الفعلي والتعليم الإلكتروني، لتوسيع قاعدة المشاركة وإتاحة الفرصة لأكبر عدد من الطلاب في الداخل والخارج للاستفادة من خدمات المدرسة.

وتشمل الخطة إطلاق منصة إلكترونية متكاملة تمكّن الطلاب من الاطلاع على المناهج، ومتابعة المحاضرات التفاعلية، وإجراء اختبارات في الحفظ والتجويد عن بُعد، إلى جانب نظام تقييم مستمر بإشراف نخبة من القراء والعلماء المتخصصين.

كما ستُعقد ورش تدريبية متخصصة للمحفظين والمعلمين لرفع كفاءتهم في استخدام التقنيات الرقمية، وتطوير أساليب التواصل مع الطلاب من خلفيات لغوية وثقافية متعددة، تأكيدًا على أن التعليم الأزهري يسير بخطى ثابتة نحو تحقيق الاستدامة التعليمية الرقمية.

تم نسخ الرابط