تحت أنقاض غزة.. إسرائيل تبدأ حربها الأخيرة ضد أنفاق حماس
تحت غبار الهدنة الهشة وهدوء ما بعد العاصفة، تتحرك إسرائيل نحو معركتها الجديدة في غزة، معركة لا تُرى بالعين المجردة، بل تجري في عمق الأرض.
فأنفاق حركة حماس التي تشكل شريانها الخفي، باتت في مرمى النيران الإسرائيلية كأولوية قصوى في حرب تُوصف بأنها الأخيرة تحت الأرض.
الأنفاق.. الهدف الاستراتيجي الأول لتل أبيب
أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن تدمير أنفاق حماس ونزع سلاح غزة يشكلان الهدف الاستراتيجي الأهم لإسرائيل في المرحلة الراهنة.
وأوضح أن ما يقارب 60% من شبكة الأنفاق لا يزال قائماً رغم الحملات العسكرية المتتالية، ما يجعل مهمة القضاء عليها محور العمليات الحالية في المنطقة الصفراء التي تسيطر عليها القوات الإسرائيلية بشكل كامل.
مهمة عسكرية وأخلاقية في آن واحد
اعتبر كاتس أن إعادة جثث الرهائن الإسرائيليين من غزة تمثل مهمة أخلاقية عاجلة، مؤكداً أن إسرائيل ستسخّر كل إمكانياتها لتحقيق ذلك.
وأوضح أن الجيش تلقى أوامر مباشرة بتكثيف جهوده لتدمير الأنفاق التي تمثل العمود الفقري لقدرات حماس، مشيراً إلى أنها تمنح الحركة قدرة دائمة على التخفي والمناورة وتنفيذ الهجمات بعيداً عن أنظار الاستخبارات الإسرائيلية.
حوار عسكري وسياسي مع واشنطن
تزامنت تصريحات كاتس مع مشاورات إسرائيلية أميركية مكثفة لبحث خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخاصة بقطاع غزة.
وأكدت مصادر إسرائيلية أن الاتصالات تشمل نائب الرئيس الأميركي ووزيري الخارجية والدفاع، إضافة إلى قادة القيادة المركزية الأميركية، لبحث آليات تنفيذ خطة تفكيك الأنفاق ونزع سلاح الفصائل بإشراف مباشر من واشنطن.
تقديرات إسرائيلية تكشف حجم التحدي
كشفت تقارير أمنية إسرائيلية أن الجيش تمكن حتى الآن من تدمير نحو 40% فقط من شبكة أنفاق حماس، في حين تحتفظ الحركة بمئات الصواريخ متوسطة المدى القادرة على الوصول إلى وسط إسرائيل.
وأفادت القناة 12 الإسرائيلية أن البنية التحتية تحت الأرض تمثل مركز الثقل العسكري لحماس، ما يجعل معركة الأنفاق أخطر من أي مواجهة سابقة فوق الأرض.
مرحلة الإعمار بعيون واشنطن وتل أبيب
دخلت المرحلة الأولى من خطة غزة التي طرحها ترامب حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر الجاري، لكنها لا تزال هشة بفعل الاختراقات الإسرائيلية المتكررة.
وفي الوقت نفسه، تضغط الإدارة الأميركية للانتقال إلى المرحلة الثانية التي تركز على إعادة الإعمار ونشر قوات عربية وإسلامية لضبط الأمن، تمهيداً لتشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية بإشراف دولي.
معركة الأرض والأنفاق.. فصل جديد في الصراع
تبدو إسرائيل مصممة على كسر العمود الفقري العسكري لحماس من خلال حرب صامتة تدور في باطن الأرض، بينما تحاول واشنطن إعادة رسم خريطة غزة سياسياً.
ومع استمرار هذه المعركة الخفية، يبقى القطاع بين نارين: معاول الهدم الإسرائيلية فوق الأرض، وصدى الانفجارات في أعماقها، في انتظار تسوية قد لا تحمل سلاماً بقدر ما تمهد لجولة جديدة من الصراع.



