أوروبا تقترب من قرار مثير للجدل.. تمويل أوكرانيا من الأصول الروسية المجمّدة
خطوة أوروبية جديدة تلوح في الأفق قد تعيد رسم ملامح الصراع المالي بين موسكو والغرب.
قادة الاتحاد الأوروبي يناقشون إمكانية منح أوكرانيا قرضاً ضخماً ممولاً من الأصول الروسية المجمّدة، في خطوة وُصفت بأنها "غير مسبوقة" من حيث الأبعاد السياسية والاقتصادية.
القرار المنتظر يثير جدلاً واسعاً داخل القارة، بين من يرى فيه دعماً مشروعاً لكييف، ومن يحذر من تداعياته على النظام المالي العالمي.
مشاورات ماراثونية في قمة بروكسل
كلف قادة الاتحاد الأوروبي، خلال قمتهم الأخيرة في بروكسل، المفوضية الأوروبية بإعداد مقترحات تفصيلية لتمويل أوكرانيا خلال العامين المقبلين.
الخطوة جاءت بعد مفاوضات طويلة ومعقدة انتهت بتوافق هش، ترك الباب مفتوحاً أمام إمكانية منح قرض تمويلي ضخم يعتمد على الأصول الروسية المجمّدة في البنوك الأوروبية.
وجاء هذا التطور في البيان الختامي للقمة بصياغة عامة تجنبت ذكر التفاصيل الحساسة، خاصة بعد اعتراضات بلجيكا التي تحتفظ بالنصيب الأكبر من أموال البنك المركزي الروسي.
الدبلوماسيون الأوروبيون وصفوا المداولات بأنها "صراع بين الضرورة السياسية والحذر القانوني"، في إشارة إلى الانقسام داخل الاتحاد حول آلية استخدام هذه الأموال.
خطة أوروبية لاستخدام الأصول الروسية
تعمل المفوضية الأوروبية حالياً، بالتعاون مع عدد من العواصم الأوروبية الكبرى، على تطوير آليات تسمح بالاستفادة الكاملة من الأصول الروسية المجمّدة لتقديم دعم مالي مباشر لأوكرانيا.
البيان المشترك الذي صدر مؤخراً عن قادة المفوضية والمجلس الأوروبي، بمشاركة بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبولندا والنرويج وفنلندا والدنمارك،
أكد "الالتزام بمواصلة دعم أوكرانيا بكل الوسائل الممكنة"، مشيراً إلى أن التعاون يشمل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي شخصياً.
صحيفة بوليتيكو كشفت أن ممثلي الدول الأعضاء وافقوا مبدئياً على خطة تتيح إصدار ما يسمى بـ"قروض التعويض" لأوكرانيا، على أن يتم اعتمادها رسمياً في قمة الاتحاد المقررة في 23 أكتوبر/تشرين الأول.
فون دير لاين: لن نصادر.. بل سنقرض
رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، أكدت في تصريحات سابقة أن الاتحاد لا يعتزم مصادرة الأصول الروسية المجمدة بشكل مباشر، لكنها أوضحت أن هذه الأموال يمكن أن تُستخدم كضمانات لتقديم قروض ضخمة لأوكرانيا.
وأضافت فون دير لاين أن المفوضية تسعى لإيجاد "حل قانوني يوازن بين العدالة والشرعية الدولية"، موضحة أن الهدف هو ضمان استمرار تمويل أوكرانيا دون خرق للقوانين الأوروبية أو الدولية.
تحذيرات روسية وتصعيد في اللهجة
في المقابل، لم تتأخر موسكو في الرد، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حذر من أن "النظام المالي والاقتصادي العالمي سينهار إذا أقدمت أوروبا على سرقة الاحتياطيات الروسية".
الكرملين شدد على أن أي استخدام قسري للأصول المجمدة سيُعتبر "عملاً عدائياً مباشراً"، مؤكداً عبر المتحدث باسمه دميتري بيسكوف أن روسيا "سترد بشكل مؤلم ومكافئ على أي محاولة لمصادرة أموالها في الغرب".
انقسام أوروبي ومخاوف اقتصادية
عدد من العواصم الأوروبية أعرب عن مخاوفه من الخطوة المرتقبة، محذراً من أن استخدام أموال دولة أجنبية قد يخلق سابقة قانونية خطيرة ويهز الثقة في النظام المصرفي الأوروبي.
في المقابل، ترى دول أخرى أن الدعم المالي لكييف ضرورة استراتيجية لا يمكن تأجيلها، حتى لو تطلب الأمر تجاوز بعض الخطوط القانونية الرمادية.
الاتحاد الأوروبي يقف أمام اختبار دقيق بين دعم أوكرانيا ومواجهة روسيا دون كسر قواعد النظام المالي العالمي. القرار المنتظر سيحدد ليس فقط مستقبل العلاقة مع موسكو، بل أيضاً مصداقية أوروبا في الدفاع عن مبادئها القانونية والسياسية في زمن الأزمات.



