واشنطن وتل أبيب تبحثان تقسيم غزة مؤقتًا: خطة سرية تهدد استقرار الهدنة وتثير غضب الوسطاء العرب
تشهد الكواليس الدبلوماسية في واشنطن وتل أبيب حراكًا مكثفًا حول خطة مثيرة للجدل تهدف إلى تقسيمٍ مؤقتٍ لقطاع غزة بين إسرائيل وحماس، في محاولة لتجاوز العقبات أمام المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار.
الخطة التي كشفتها صحيفة وول ستريت جورنال فجّرت ردود فعل عربية غاضبة، وسط مساعٍ أميركية حثيثة لتثبيت الهدنة ومراقبة أداء الحكومة الإسرائيلية عن قرب.
خطة تقسيم غزة تثير انقسامًا حادًا
تكشف الصحيفة الأميركية أن المقترح الجديد يقوم على تقسيمٍ مؤقتٍ لغزة، بحيث تبقى مناطق تحت سيطرة إسرائيل وأخرى تحت إدارة حركة حماس، في إطار تسوية انتقالية تُمهد لمفاوضات أوسع حول مستقبل القطاع.
لكنّ هذا الطرح قوبل برفضٍ عربي واسع، إذ شدد الوسطاء على أن أي صيغة تقسيم مهما كانت مؤقتة تمثل خرقًا خطيرًا لوحدة الأراضي الفلسطينية، وقد تُشعل التوتر من جديد بعد أسابيع فقط من وقف إطلاق النار.
تحركات أميركية مكثفة للسيطرة على الموقف
إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تكثف جهودها الدبلوماسية عبر إرسال وفود رفيعة إلى تل أبيب لمتابعة تنفيذ الاتفاق وضمان التزام إسرائيل ببنوده.
مصادر عبرية تحدثت عن ما وصفته بـ"الرقابة المباشرة" التي تمارسها واشنطن على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خشية أن يتخذ خطوات أحادية قد تعرقل المرحلة المقبلة من التسوية.
التحركات الأميركية تشمل أيضًا زيارات متتالية لمسؤولين كبار، بينهم نائب الرئيس جي دي فانس الذي يزور إسرائيل حاليًا، ومن المنتظر أن يلحق به وزير الخارجية ماركو روبيو الخميس، بعد مغادرة الموفدين الرئاسيين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر البلاد.
فانس: نريد سلامًا طويل الأمد
خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نتنياهو في القدس، أكد فانس أن زيارته تهدف إلى "تعزيز فرص السلام وضمان استمرار الهدنة التي صمدت منذ أسبوع تقريبًا"، مشيرًا إلى أن واشنطن تسعى "للانتقال السلس إلى المرحلتين الثانية والثالثة من الاتفاق دون أي انتكاسات ميدانية".
تصريحاته تعكس رغبة أميركية في الإمساك بخيوط الملف الفلسطيني – الإسرائيلي بقبضة أكثر إحكامًا، مع تجنّب التصعيد الذي قد يُهدد ما تحقق حتى الآن من هدوء هش.
تحرك فلسطيني – مصري لتثبيت الهدنة
في المقابل، وصل إلى القاهرة نائب رئيس السلطة الفلسطينية حسين الشيخ برفقة رئيس جهاز المخابرات العامة ماجد فرج، لإجراء مباحثات مع المسؤولين المصريين حول تثبيت وقف النار ومنع أي خطوات أحادية من شأنها نسف الاتفاق.
وتؤكد مصادر مطلعة أن القاهرة تبذل جهودًا مكثفة لإعادة ضبط التوازن بين الأطراف، ورفض أي ترتيبات جديدة تُكرّس واقع الانقسام في غزة، مشددة على أن وحدة الأراضي الفلسطينية تبقى "خطًا أحمر" لا يمكن تجاوزه.
الخطة الأميركية – الإسرائيلية لتقسيم غزة، إن صحت، تمثل اختبارًا جديدًا لقدرة الوسطاء العرب على حماية وحدة القضية الفلسطينية في مواجهة مشاريع مؤقتة قد تتحول إلى دائمة.
وبينما تواصل واشنطن إرسال مبعوثيها واحدًا تلو الآخر، يبدو أن مستقبل الهدنة مرهون بمدى التزام إسرائيل ونجاح الجهود العربية في كبح أي محاولات لتفجير الوضع مجددًا.



