رئيس وحدة دراسات الخليج يكشف لـ «تفصيلة» أسرار المخطط وكيف تحوّلت تجارة الأدوية إلى غطاء لتمويل الإرهاب بالكويت؟

كشفت وزارة الداخلية الكويتية عن واحدة من أخطر الشبكات الإرهابية التي كانت تتخذ من تجارة الأدوية ستارًا لتهريب الأموال وتمويل التنظيمات المتطرفة خارج البلاد.
وجاء الإعلان في توقيت حساس تمر به منطقة الخليج، وسط تصاعد التهديدات الأمنية ومحاولات استغلال الاقتصاد والأنشطة التجارية لتمويل الإرهاب.
شبكة معقدة تحت غطاء الدواء
أكد الدكتور حامد محمود، رئيس وحدة دراسات الخليج وإيران بمركز الغرب للدراسات السياسية والأمن الإقليمي، في تصريحات خاصة لموقع تفصيلة، أن الخلية المضبوطة استخدمت تجارة الأدوية كغطاء مثالي لنشاطها غير المشروع.
وأوضح أن عمليات البيع والاستيراد كانت تُدار بطريقة دقيقة لإخفاء تحويلات مالية ضخمة إلى جهات خارجية، مشيرًا إلى أن الهدف الحقيقي كان تمويل جماعات متطرفة تعمل في بؤر التوتر الإقليمي.
الكويت في مرمى محاولات الاختراق
أشار الخبير إلى أن الكويت تواجه بين الحين والآخر محاولات لاختراق أمنها الداخلي، مؤكدًا أن الأجهزة الأمنية نجحت أكثر من مرة في إحباط مخططات إرهابية خطيرة.
وأوضح أن أبرز تلك المحاولات كانت في يناير 2024 حين تمكنت الداخلية من إفشال خطة لتفجير مواقع دينية شيعية، كانت تقف وراءها خلايا مرتبطة بتنظيم داعش الإرهابي.
مخطط لاستهداف الوحدة الوطنية
حذر محمود من أن استهداف أماكن العبادة الخاصة بالطائفة الشيعية ليس صدفة، بل محاولة لإشعال فتنة طائفية قد تهدد الأمن السياسي والاجتماعي في الخليج كله، وليس في الكويت فقط.
وأكد أن المواد المضبوطة والخرائط التي أعدتها الخلية تُظهر بوضوح حجم الخطر الذي كان يواجه البلاد، خاصة بعد العثور على أدوات لتصنيع متفجرات وتدريبات ميدانية.
ذاكرة الإرهاب لا تُنسى
ذكّر الخبير بحادثة تفجير مسجد الإمام الصادق في يونيو 2015، والتي راح ضحيتها 27 شخصًا، باعتبارها أخطر هجوم إرهابي في تاريخ الكويت الحديث.
وأشار إلى أن التنظيمات المتطرفة وفي مقدمتها داعش لم تتوقف عن محاولة اختراق البلاد، حيث ضُبطت خلية أخرى في نوفمبر من العام نفسه كانت تُخطط لتزويد التنظيم بالأموال والسلاح وحتى مكونات صواريخ.
خلايا متعددة الجنسيات
كشف محمود أن خريطة التنظيمات الإرهابية تضم عناصر من جنسيات متعددة، بينها سوريون ولبنانيون ومصريون وأستراليون وحتى كويتيون، وهو ما يعكس اتساع شبكة التجنيد والتمويل العابر للحدود.
وأوضح أن تلك الشبكات استغلت الفوضى في سوريا والعراق لتوسيع نشاطها، مما جعل الخليج هدفًا رئيسيًا في مسار تمويلها وتسليحها.
خلية العبدلي.. الدرس الأخطر
استعاد الخبير واقعة ضبط خلية العبدلي في أغسطس 2015، التي وُصفت حينها بأنها أخطر شبكة موالية لحزب الله في المنطقة.
وأشار إلى أن الكميات المصادرة كانت مهولة: نحو 19 ألف كيلوغرام من الذخيرة، و144 كيلوغرامًا من المتفجرات، و68 قطعة سلاح متنوعة، وأكثر من 200 قنبلة يدوية و56 قذيفة "آر بي جي"، وهي أرقام تكشف عن نية حقيقية لإشعال مواجهة مسلحة داخل الكويت.
حماية الكويت يتطلب تنسيقًا استخباراتيًا مستمرًا مع دول الخليج
أكد محمود في ختام تصريحاته أن بيان وزارة الداخلية الأخير ليس مجرد إعلان أمني، بل إنذار حقيقي بضرورة تشديد الرقابة المالية والتجارية، ومراجعة مسارات التحويلات والأنشطة التجارية الحساسة، خاصة في مجالات مثل الأدوية والتوريدات الطبية.
وشدد على أن حماية الكويت تتطلب تنسيقًا استخباراتيًا مستمرًا مع دول الخليج، لأن الإرهاب اليوم لا يعرف حدودًا، ويمتد بماله وسلاحه عبر كل المنافذ.