باقي علي افتتاح المتحف الكبير
  • يوم
  • ساعة
  • دقيقة
  • ثانية
رئيس مجلس الإدارة
عمرو عامر
رئيس التحرير
نصر نعيم

من الأزهر إلى الجبهة.. كيف تحولت رؤيا عبد الحليم محمود إلى بشارة نصر أكتوبر؟

صورة من اللقاء
صورة من اللقاء

شهدت جامعة القاهرة احتفالية وطنية وعلمية متميزة نظمها مركز دراسات التراث العلمي بكلية العلوم، بمناسبة مرور مائة عام على تأسيس الكلية وذكرى انتصارات السادس من أكتوبر المجيدة، تحت شعار “نصر أكتوبر.. يوم العزة والكرامة”، حيث جمعت الفعالية رموزًا وطنية وعلمية بارزة من ميادين الفكر والعلم والبطولة العسكرية.

شارك في الاحتفال فضيلة الأستاذ الدكتور محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، واللواء المهندس حسين مسعود وزير الطيران الأسبق، واللواء نبيل أبو النجا مؤسس فرقة (999) وحامل وسام النجمة العسكرية، والدكتورة سهير فهمي عميدة كلية العلوم، إلى جانب نخبة من الشخصيات الأكاديمية والعسكرية والعلمية.

وجاءت المشاركة في إطار التعاون العلمي والثقافي بين الأزهر الشريف والجامعات المصرية، تأكيدًا على رسالة الأزهر المتجذّرة في خدمة الوطن، ونشر الفكر الوسطي المستنير الذي يعزز روح الانتماء ويجسد قيم الوفاء للوطن وتاريخه المجيد.

الإسلام دين سلام لا عدوان فيه

وفي كلمته أمام الحضور، أكد الدكتور محمد الجندي أن الإسلام دين سلام وعدل، لا يبدأ بالعدوان ولا يعرف البغي، وإنما يرد الاعتداء دفاعًا عن الكرامة الإنسانية وعن الحق، مستشهدًا بقول الله تعالى: «وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين»، موضحًا أن الدفاع عن الوطن وصون مقدساته فريضة شرعية وواجب وطني في الوقت ذاته.

وأشار إلى أن الانتماء للوطن نزعة فطرية مغروسة في أعماق النفس البشرية، فحب الأرض التي نشأ عليها الإنسان جزء من عقيدته ووجدانه، مبينًا أن الإسلام لم يفصل بين الإيمان بالله وبين الدفاع عن الأرض والعِرض، لأن كرامة الإنسان من كرامة وطنه.

وأضاف الجندي أن السلام هو اللغة التي أرساها الإسلام في نفوس المؤمنين، قبل أن تكون شعارًا يُرفع أو مبدأ يُتداول، فالإسلام حين دعا إلى السلام لم يكن ضعفًا، بل قوة قائمة على العدل وصون الحقوق.

الأزهر.. منبر الإيمان وشريك النصر

وأكد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية أن الأزهر الشريف كان ولا يزال شريكًا في كل لحظات العزة الوطنية، ومن بينها نصر أكتوبر المجيد، حيث لعب علماؤه دورًا محوريًا في شحذ همم الجنود وتعميق الإيمان في قلوبهم، فكانوا يزرعون في صفوف الجيش روح الصبر والثقة بنصر الله، وغرسوا فيهم يقينًا راسخًا بأن الدفاع عن الوطن عبادة لا تقل منزلة عن أي فريضة.

وأوضح أن الأزهر حمل مشعل الوطنية والإيمان في معركة العبور، حيث كان أئمته ووعّاظه في مقدمة الصفوف، يجمعون بين الدعاء في المحاريب والدعم في الميدان، مؤكدًا أن الغيرة على الوطن قيمة فطرية ووجودية، وأن الانتماء لمصر لا ينفصل عن العقيدة ولا عن شرف الدفاع عنها.

رؤيا عبد الحليم محمود.. بشارة السماء قبل النصر

وفي لمسة إنسانية روحية مؤثرة، استحضر الدكتور الجندي واقعة تاريخية خالدة رواها الأزهر الشريف، حين رأى الإمام الأكبر الراحل الدكتور عبد الحليم محمود، شيخ الأزهر آنذاك، النبي ﷺ في رؤيا يعبر القناة وخلفه جنود مصر، فاستبشر بها خيرًا وتوجه إلى الرئيس أنور السادات ليبلغه بالبشارة، مؤكدًا أن النصر قادم بإذن الله.

وأشار الجندي إلى أن هذه الرؤيا كانت دفعة إيمانية هائلة سبقت الحرب وسكنت قلوب المصريين والجنود، فدخلوا المعركة بروح عقائدية راسخة، فكان نصر أكتوبر تجليًا للإيمان قبل أن يكون انتصارًا بالسلاح.

وأضاف أن تلك اللحظة التاريخية لا تزال حاضرة في ذاكرة الأمة، لأنها جسّدت العلاقة الوثيقة بين الروح والإرادة، وبين الإيمان والعمل، وبين الدين والوطنية، وهي العلاقة التي ظلت الأزهر الشريف يؤكدها في كل المواقف الوطنية منذ تأسيسه وحتى اليوم.

واختتم الدكتور محمد الجندي كلمته بالتأكيد على أن نصر أكتوبر لم يكن مجرد انتصار عسكري فحسب، بل كان نصرًا للإيمان والعقيدة، إذ جسّد المصريون فيه معنى التوكل على الله والعمل الدؤوب، مؤمنين بأن النصر وعد إلهي لا يتحقق إلا لمن بذل الجهد وأعد العدة وأخلص النية.

وأوضح أن المصريين في معركة العبور جمعوا بين العبادة والتخطيط، وبين العلم والإيمان، فكانوا صورة متكاملة للروح المصرية التي لا تعرف الهزيمة، وأن تلك القيم ينبغي أن تبقى حية في نفوس الأجيال القادمة، باعتبارها أساس النهضة والعزة الوطنية.

وأكد أن الأزهر الشريف سيظل المنارة التي تضيء طريق الوطنية والإيمان، مشددًا على أن المجمع وهيئاته المتنوعة يعملون على ترسيخ قيم الانتماء والهوية، وغرس روح الاعتزاز بمصر في نفوس الشباب، ليبقى الوطن عزيزًا شامخًا بعلمه وإيمانه، وقادرًا على مواجهة كل التحديات بروح أكتوبر وعقيدة الأزهر.

بين العِلْم والإيمان.. تواصل دائم بين الأزهر والجامعات

واختُتمت الاحتفالية بتأكيد مشترك من المشاركين على أهمية تعميق التعاون بين الأزهر الشريف وجامعة القاهرة، في مجالات البحث العلمي والتراث والتوعية الفكرية، بما يسهم في بناء أجيال تجمع بين أصالة العلم وقيم الدين، وبين عقل الباحث وروح المؤمن، إحياءً لروح أكتوبر التي جمعت بين القوة والإيمان، بين الإرادة والعقيدة.

تم نسخ الرابط