باقي علي افتتاح المتحف الكبير
  • يوم
  • ساعة
  • دقيقة
  • ثانية
رئيس مجلس الإدارة
عمرو عامر
رئيس التحرير
نصر نعيم

زوال الكيان الإسرائيلي.. أسطورة العقد الثامن بين النبوءة والتاريخ والرؤية الشرعية

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

بينما تدخل إسرائيل عقدها الثامن منذ إعلان قيامها عام 1948، تتجدد نقاشات فكرية ودينية وسياسية حول ما يُعرف اصطلاحًا بـ«لعنة العقد الثامن»، وهي فرضية تقول إن أي كيان يهودي سياسي في فلسطين لا يكتب له الاستمرار بعد ثمانين عامًا هذا المفهوم الذي يتردد في أوساط أكاديمية وإعلامية ودينية يثير تساؤلات عميقة: هل التاريخ يعيد نفسه؟ وهل تحمل النصوص الدينية إشارات إلى نهاية الكيان الإسرائيلي في هذا التوقيت؟ وكيف يقرأ علماء الأزهر والأوقاف هذه المسألة من منظور إسلامي؟

يقدم موقع تفصيلة في التقرير التالي صورة شاملة حول هذه الفرضية، من جذورها التاريخية إلى شواهدها المعاصرة.

لعنة العقد الثامن.. من أين بدأت الحكاية؟

مصطلح «لعنة العقد الثامن» لم يولد في الأدبيات الإسلامية فحسب، بل تداوله مؤرخون يهود وغربيون في سياق دراسات مقارنة يذهب أصحاب هذا الطرح إلى أن أي تجربة سياسية لليهود في فلسطين لم تتجاوز الثمانين عامًا.

المملكة الأولى: مملكة داود وسليمان التي يُقدّر عمرها بثمانين عامًا تقريبًا قبل أن تنقسم وتضعف حتى زالت.

المملكة الثانية: مملكة الحشمونائيم (المكابيين) التي دامت أقل من ثمانين عامًا، قبل أن تتهاوى تحت السيطرة الرومانية.

ويقول المؤرخون الذين يستشهدون بهذه الأمثلة إن إسرائيل الحديثة، التي تأسست عام 1948، تدخل الآن عقدها الثامن، لتواجه تحديات داخلية وخارجية شديدة، ما أعاد للأذهان هذا النمط التاريخي.

أزمات داخلية تعصف بالمجتمع الإسرائيلي

على المستوى الواقعي، يرى سياسيون أن إسرائيل تواجه واحدة من أخطر مراحلها منذ قيامها، ومن أبرز المظاهر:

الانقسام السياسي: أزمة مستمرة بين التيارات الدينية والعلمانية، وصراع مرير على السلطة بين اليمين واليسار.

أزمة القضاء: احتجاجات واسعة ضد خطط الحكومة لإضعاف السلطة القضائية، وصفتها الصحافة الغربية بأنها «أزمة وجودية».

الأمن والاقتصاد: رغم قوة الجيش، إلا أن تراجع الاستقرار الأمني وتكاليف الحروب المتكررة يرهقان الاقتصاد، تقارير اقتصادية حديثة حذرت من تراجع النمو وارتفاع نسب الهجرة العكسية.

تحذيرات من الداخل: إيهود باراك، رئيس الوزراء الأسبق، صرح بأن إسرائيل قد لا تبلغ عامها الثمانين إذا استمرت على هذا النهج.

هذه المؤشرات تدفع البعض إلى القول إن «لعنة العقد الثامن» لم تعد مجرد أسطورة، بل فرضية تعكس واقعًا هشًا.

الرؤية الإسلامية ما بين النصوص والتفسير

في الإسلام، ارتبطت قضية بني إسرائيل وسلوكهم بذكرٍ متكرر في القرآن الكريم، خصوصًا في سورة الإسراء، حيث يقول الله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا ۝ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا ۝ ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ... وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا} [الإسراء: 4-7].

كثير من المفسرين المسلمين تناولوا هذه الآيات باعتبارها إشارات إلى نهايات متكررة للكيانات التي يقيمها اليهود.

الشيخ متولي الشعراوي: أشار في خواطره إلى أن تجمع اليهود في أرض واحدة قد يكون مقدمة لهزيمة كبرى، باعتبار أن القرآن ربط الإفساد بالعقوبة.

الشيخ عبد المعز عبد الستار (أحد علماء الأزهر) نشر دراسة في مجلة الأزهر بعنوان سورة الإسراء تقص نهاية إسرائيل، قال فيها إن «الآخرة» في الآيات تشير إلى الوجود السياسي الحديث، وإنه سينتهي بانتقام إلهي واندحار تاريخي.

علماء الأوقاف المعاصرون يرون أن هذه الآيات تحمل دلالة على أن دولة الظلم لا تدوم، وأن ما يقوم على العدوان والاحتلال محكوم عليه بالزوال، وإن اختلف التوقيت.

ومن منظور إسلامي، قضية زوال الكيان الإسرائيلي ليست مجرد تحليل سياسي، بل وعد إلهي، فسورة الإسراء تحدثت بوضوح عن إفسادين، وها نحن نرى صور الإفساد الثاني ماثلة أمام أعيننا. 

ووفق السنن القرآنية، فإن النتيجة المحتومة هي الزوال، غير أننا لا نملك تحديد الموعد، فهذا في علم الله أما الحديث عن العقد الثامن فهو ملاحظة تاريخية يمكن أن توافق السنن الإلهية أو تتأخر عنها، لكن المؤكد أن وعد الله حق».

إلى جانب الرؤية الإسلامية، هناك مقالات ودراسات في الإعلام الغربي والإسرائيلي نفسه تتحدث عن سيناريوهات «تفكك» الدولة من الداخل:

تقرير نشرته TIME بمناسبة الذكرى الـ75 حذّر من أن إسرائيل تعيش أزمة وجودية غير مسبوقة.

خبراء تحدثوا عن ارتفاع الهجرة العكسية من إسرائيل، خصوصًا بين فئة الشباب، ما يعكس ضعف الإيمان بمستقبل الدولة.

أصوات إسرائيلية تعترف أن المشروع قد لا يستمر طويلاً في ظل الانقسامات المتفاقمة.

ورغم أن فكرة «لعنة العقد الثامن» تبدو جذابة من الناحية الرمزية، إلا أن هناك عوامل يجب التوقف عندها:

1. النص القرآني والسنن الإلهية: الوعد الإلهي بزوال الباطل قائم، لكن توقيته غير محدد بشهر أو سنة.

2. الاعتبارات السياسية والاقتصادية: إسرائيل ما تزال تملك عناصر قوة كبيرة، مثل الدعم الغربي والقدرة العسكرية والتفوق التكنولوجي.

3. التاريخ ليس قدرًا حتميًا: التشابه الزمني لا يعني التطابق في النتائج؛ السياق الدولي مختلف عن سياق الممالك القديمة.

4. دور الشعوب: التاريخ يثبت أن زوال أي احتلال لا يتم إلا بمقاومة وصمود، ما يعني أن العامل البشري يظل جوهريًا.

ما بين الحتمية والاحتمال

تظل قضية زوال الكيان الإسرائيلي بين يقين الوعد الإلهي واحتماليات السياسة فـ«لعنة العقد الثامن» تقدم قراءة تاريخية مثيرة، تعززها تصريحات حتى من داخل إسرائيل أما الرؤية الإسلامية فتؤكد أن الاحتلال زائل لا محالة، لكنه مرتبط بسنن الله في الكون وصمود الشعوب في مواجهة الظلم.

تم نسخ الرابط